57
الفوائد الرجاليّة

على من تصفّح الأخبار وتتبّع الكتب المدوّنة في تلك الآثار .
وكان الأئمّة عليهم السلام يوقفون شيعتهم من أقوال الكذّابين ويأمرونهم بمجانبتهم وعرض ما يرد من جهتهم على الكتاب والسنّة . ويستبعد أنّ ثقات أصحاب الأئمّة إذا سمعوا من أئمّتهم مثل ذلك أن يستحلّوا بعد ذلك نقل ما لا يتيقَّنون بصحّته ، حتّى أنّهم شدّدوا الأمر في ذلك حتّى ربما تجاوزوا الحدّ بحيث كانوا يجانبون الرجل بمجرّد التهمة بذلك كما وقع لأحمد بن محمّد بن عيسى مع البرقي وسهل بن زياد .
بل نقول : لو لم ندّع العلم ، ندّعي الظنَّ المُتاخَمَ له بأنّ الثقة الضابط العالم إذا جمع كتاباً في الأحاديث ـ في زمانٍ تكثر فيه القرائنُ بل يمكن تحصيل العلم غالباً سيّما مع وجود الأُصول المعتبرة المعروضة على المعصوم المتخلّفة من أيدي الثقات العدول ويريد كونه مرجعاً للناس ـ لا يجمع إلاّ ما ظهر له صحّته . ۱
ثمّ نَقل بعد ذلك كلام جملة من الأعلام مثل السيّد والشيخ والشهيد وصاحب المعالم والتوني ثمّ قال :
ثمّ إذا انضمّت مع ذلك شهادات المشايخ أنفسهم يقرب الظنّ من العلم . ثمّ استشهد بأنّه ألا ترى أنّ المؤرّخين الذين يؤلِّفون كتاباً في التأريخ ـ مع عدم ربطه بعمل أو حكم شرعي ، ومع عدم كونهم في تلك المثابة من الوثاقة والعلم ـ إذا أرادوا ذكر شيء لا يذكرونه إلاّ بعد تثبّت وحصول ظنّ بصحّته . ۲
انتهى ملخّصا .
ويظهر جوابه ممّا أشرنا هنا وفيما سبق ؛ فإنّ أغلب مقالاته مأخوذة من مقالة صاحب الحدائق .
الثالث : تصريح جملة من الأعلام من متقدّمي الأصحاب ومتأخّريهم ـ

1.مناهج الأحكام والأُصول : ۲۷۲ نقلُ مضمونٍ .

2.المصدر : ۲۷۲ و۲۷۳ .


الفوائد الرجاليّة
56

وذلك لا ينافي كونهم واثقين بما نقلوا ، لكن المعتمد عند شخص لا يلازم كونه معتمداً عند آخَرَ ، ولاسيّما بعد ملاحظة طعن جملة من القدماء في السند مع كون الرواية منقولةً في الكتب المعتبرة ، فعن المفيد أنّه قال في رسالته في الردّ على الصدوق : «فأمّا ما يتعلّق به أصحاب العدد من أنّ شهر رمضان لا يكون أقلّ من ثلاثين يوماً فهى أحاديث شاذّة قد طعن نَقَلَة الأخبار من الشيعة في سندها» ۱ مع أنّه مذكور في الكافي ونحو ذلك .
فإذا لاحظنا الطعن في السند من القدماء ، وطرْحَ الحديث من أجل ذلك مع كونهم متقاربي العهدِ مع مؤلّف الكتاب ومتمكّنين من تحصيل ما أوجب الإعتماد للناقل فما ظنّك بأمثالنا ؟ !
مضافاً إلى أنّ القدماء تفطّنوا لذلك ، ومع اعتمادهم على منقولاتهم صرفوا مدّة وافرة من أعمارهم في علم الرجال لإبقاء تلك القرينة لمن بعدهم ؛ لعلمهم بأنّ سائر القرائن الموجودة لهم الموجبة لاعتمادهم ممّا ليس بقابل البقاء حتّى ينفع لغيرهم . فمع صراحة صنعهم في ذلك كيف يُعتمد على مجرّد نقلهم الرواياتِ ، ويُترك نقلهم مدحَ الرجال وقدحَهم ؟ !
مضافاً إلى أنّهم ليسوا بمعصومين من الخطأ ، فيُعرف إصابتهم في التصحيح أو خطأهم بملاحظة السند .
مضافاً إلى إمكان تحصيل الإجماع على الحاجة إلى ذلك العلم من تتبّع كتب القدماء . فاتّضح الفرق .
وضعف إطلاق النراقي رحمه الله من الأُصوليّين بعدم الحاجة إلى ذلك العلم رأساً بملاحظة تصريح جمع من الأصحاب بأنّ أخبار الكتب المعتبرة إنّما وصلت إلينا بعد أن سهرت العيون في تصحيحها ، وذابت الأبدان في تنقيحها ، وقطعوا في تحصيلها من معادنها البلدانَ ، وهجروا في تنقيحها الأولادَ والنسوانَ كما هو ظاهر

1.جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية (مصنَّفات الشيخ المفيد ، ج۹) : ۱۹ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56878
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي