59
الفوائد الرجاليّة

الإعتبار بالضرورة» .
إلى أن عدّ من الكتب المصنّفة بعد أن قال : «ومن رام معرفة رجالهم والوقوفَ على مصنَّفاتهم ، فليطالع كتاب الحافظ ابن عقدة ، وكتاب الرجال لأبي عمرو الكشّي » ـ إلى أن قال قبل قوله : «فالإنكار بعد ذلك مكابرة» ـ : والجرح والتعديل والثناء الجميل ۱ » إلى آخر ما ذكره .
وبالجملة : من تأمّل في كلام الشهيد رحمه الله في المقام ، وجده ساطعَ البرهان على أنّه رحمه اللهفي صدد إحقاق الأئمّة عليهم السلاموإبطال العامّة بأنّ الرواية عنهم عليهم السلام في غاية الكثرة ، ورواتها في غاية الكثرة مع كونهم متّسمين بالتعديل والثناء الجميل ، فيحصل الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم . وتحقّق ذلك ـ مع بطلانه ـ ممّا يأباه العقل ، ويكفي في إثبات ذلك المطلب حصول الجزم في الجملة .
وذلك الشيخ تخيّل دعواه الجزمَ في كلّ واحد ، وغيرُ خفيّ على من فتح عين بصيرته أنّ المقامين متفاوتان ، ولو كان الشهيد في المقام الثاني لادّعى ذلك في تقسيم السنّة إلى المتواتر والآحاد . ومن رام حقيقة الحال فعليه بمطالعة المقامين من الذكرى ؛ فإنّ فيها ذكرى لأُولي الألباب ، وأمّا سائر الكلمات المنقولة فلم تحضرني حتّى نميّز الغثّ من الثمين .
بل ما نقله من كتاب المعالم أيضاً دالّ على ما ذكرناه ؛ حيث نقل عنه :
أنّ أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلّقها معلوماً بالتواتر ونحوه ككتب أخبارنا ؛ فإنّها متواتره إجمالاً ، والعلم بصحّة مضامينها تفصيلاً يستفاد من قرائن الأحوال ولا مدخليّة للإجازة فيه غالباً» . ۲ انتهى .
ولاريب أنّ ما ادّعاه هو التواتر الإجمالي ، وذلك ممّا لا ينكره مسلم ،

1.ذكرى الشيعة ۱ : ۵۸ و۵۹ .

2.معالم الدين وملاذ المجتهدين : ۲۱۲ ، نقله في الحدائق الناضرة ۱ : ۱۹ .


الفوائد الرجاليّة
58

الذين هم أصحاب هذا الإصطلاح أيضاً ـ بصحّة هذه الأخبار فلنقتصر على ما ذكره أرباب هذا الإصطلاح فإنّه أقوى حجّةٍ في مقام النقض .
قال في ذكرى الشيعة ما حاصله : أنّه كُتب من أجوبة مسائل أبي عبد اللّه عليه السلامأربعُ مصنَّف لأربعمائة مصنِّف ، ودُوّن من رجاله المعروفين أربعةُ آلاف رجل من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام ، وكذلك عن مولانا الباقر عليه السلام ورجال باقي الأئمّة عليهم السلاممعروفون مشهورون ، أُولو مصنّفات مشهورة ومباحثَ متكثّرةٍ . فالإنصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم ـ إلى أن قال ـ بعد عدّه جملةً من كتب الأخبار ممّا يطول تعداده بالأسانيد الصحيحة المتّصلة المستندة والحسان والقويّة ـ : «فالإنكار بعد ذلك مكابرة محضة وتعصّب صرف» . ۱
وقال الشهيد الثاني رحمه الله في شرح الدراية ، وصاحب المعالم والبهائي رحمه الله ، ونقل مقالتهم برمّتها . ۲
وفيه : أنّ من المعروف أنّ حبّ الشيء يُعمي ويُصمّ . قد غفل ذلك الشيخ أنّ الشهيد رحمه اللهفي صدد إثبات وجوب التمسّك بمذهب الإماميّة بوجوه تسعة ، وهذا الذي ذكره هو الوجه التاسع منها .
قال : «التاسع : اتّفاق الإماميّة على طهارتهم ، وشرف أُصولهم ، وظهور عدالتهم ، مع تواتر الشيعة إليهم والنقل عنهم بما لا سبيل إلى إنكاره ـ إلى أن قال بعد قوله : «مباحث متكثّرة» ـ : وقد ذكر كثيراً منهم العامّةُ في رجالهم ، ونسبوا بعضهم إلى التمسّك بأهل البيت عليهم السلام . وبالجملة : اشتهار النقل عنهم يزيد أضعافاً كثيرة عن النقل عن كلّ واحد من رواية العامّة ، فالإنصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم عليهم السلام . فحينئذٍ نقول : الجمع بين عدالتهم ، وثبوت هذا النقل عنهم ـ مع بطلانه ـ ممّا يأباه العقل ، ويبطله

1.ذكرى الشيعة ۱ : ۵۹ .

2.الحدائق الناضرة ۱ : ۱۷ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56836
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي