61
الفوائد الرجاليّة

يجب إطراحه» . ۱ انتهى .
وغير خفيّ أنّ نزاعنا إنّما هو في الحاجة إلى الرجال وعدمها ونحن نقول : إنّ من قرائن الصحّة ملاحظة عدالة الراوي ، فكلام المحقّق ينفعنا ولا يضرّنا .
الخامس : أنّ ما اعتمدوه من ذلك الإصطلاح غير منضبط البنيان :
أمّا أوّلاً ، فلاعتمادهم في التمييز بين الرواة المشتركة ، على الأوصاف والألقاب ونحوهما ، لِمَ لا يجوّزون الإشتراك في هذه الأشياء ؟
وأمّا ثانياً ، فلأنّ مبنى التصحيح عندهم على نقل توثيق رجاله في أحد كتب المتقدّمين ؛ نظراً إلى أنّ نقلهم ذلك شهادة ، وأنت خبير بما بين مصنّفي تلك الكتب وبين رواة الأخبار من المدّة والأزمنة المتطاولة ، فكيف اطّلعوا على أحوالهم الموجبُ للشهادة بالعدالة والفسق ؟ ! والاطّلاعُ على ذلك بنقل ناقل أو شهرة أو قرينة حال أو نحو ذلك ـ كما هو معتمد مصنِّفي تلك الكتب في الواقع ـ لا يسمّى شهادةً .
سلّمنا كفايته في الشهادة ، لكن لابدّ في العمل بالشهادة من السماع من الشاهد لا بمجرّد نقله في كتابه .
سلّمنا كفاية ذلك فيها ، لكن ما الفرق بين هذا النقل في الكتب وبين نقل أُولئك الأجلاّء صحّة كتبهم؟
وأمّا ثالثاً ، فلمخالفتهم أنفسَهم فيما قرّروه من ذلك الإصطلاح ، فحكموا بصحّة أحاديثَ هي باصطلاحهم ضعيفة كمراسيل جمع زعماً منهم أنّ هؤلاء لا يرسلون إلاّ عن ثقة ، وكأحاديثِ جملة من مشايخ الإجازة من الذين لم يُذكروا في كتب الرجال بمدح ولا قدح زعماً أنّ مشايخ الإجازة مستغنون عن التوثيق .
وأمّا رابعاً ، فلاضطراب كلامهم في الجرح والتعديل على وجه لا يقبل الجمع ، فهذا يقدّم الجرح على التعديل ، وهذا يقول : لا يقدّم إلاّ مع عدم إمكان الجرح ، وهكذا .

1.المعتبر ۱ : ۲۹ .


الفوائد الرجاليّة
60

والمدّعى الإستشهاد بكلامه على صحّة تلك الأخبار ، مضافاً إلى أنّ أحداً لا يرتضي على مثل صاحب المعالم دعواه في مقام صحّة جميع أخبارنا وتركه العمل في الفقه بجملة واحدة من تلك الأخبار بواسطة أنّ كلّ واحد من رواتها ليس مزكّى بعدلين .
والعجب كلُّ العجب ممّن لا يتأمّل حقَّ التأمّل في كلام الغير ويورد عليه التناقض .
الرابع : أنّه لو تمّ ، للزم فساد الشريعة ؛ لأنّه متى اقتُصر في العمل على الصحيح أو مع الحسن خاصّةً أو بإضافة الموثّق أيضاً وطُرح الضعيف باصطلاحهم ـ والحال أنّ جلّ الأخبار من هذا القسم ـ لزم ما ذكرنا ، وتوجَّهَ ما طعن به علينا العامّة من أنّ جلّ أحاديث شريعتنا مكذوبة مزوّرة . ۱
وفيه : أنّ مثل ذلك الإلزام إن كان يتمّ فيتمّ على مثل صاحبي المعالم والمدارك المقتصرَيْن على الصحاح الأعلائيّة ، وأمّا على من يعمل بكلّ خبر حصل الوثوق بصدوره من المعصوم عليه السلام كجلّ أصحابنا ـ سواء حصل ذلك الوثوق من تعديل الرجال ، أو الإنجبار بالشهرة ، أو فحوى الكتاب ، أو المتواتر ، أو عمومهما ، أو دليل العقل ، أو من كونه مقبولاً ، أو كون مرسِله معلومَ التحرّز عن الرواية عن مجروح ، أو غير ذلك ـ فلا ، وكلاّ .
وما نقله عن معتبر المحقّق رحمه الله ۲ فإنّما هو صريح في ذمّ طريقة الحشويّة المنقادين لكلّ خبر ، وفي ذمّ المقتصرين في مقام العمل على سليم السند .
فأمّا ما سلك عليه أصحابنا من المسلك وأعربوا عنه في كتبهم ـ فلاحظ الذكرى في ذلك وغيرها ـ فمدَحَه ؛ حيث قال : «والتوسّط أقربُ ، فما قَبِله الأصحاب ودلّت القرائن على صحّته ، عُمل به ، وما أعرض الأصحاب عنه وشذّ ،

1.الحدائق الناضرة ۱ : ۲۱ ملخّصا .

2.المعتبر ۱ : ۲۹ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56852
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي