65
الفوائد الرجاليّة

ومنها : وجوده في الفقيه والكافي وأحد كتابى الشيخ ؛ لاجتماع شهادتهم على صحّة أحاديث كتبهم ، أو على أنّها مأخوذة من الأُصول المجمع على صحّتها .
وأنت خبير بأنّ الغرض إن كان استفادةَ القطع من مجموع هذه القرائن ، فعلى فرض تسليم ذلك غير مفيد في قطعيّة كلّ تلك الأخبار ؛ فإنّ أكثرها خالٍ عن أكثرها ، وإن كان استقلالَ كلٍّ في ذلك فهو أشنعُ ، مضافاً إلى تأكيدها للحاجة إلى ذلك العلم .
أمّا الأوّل ، فأوّلاً : بأنّ ذلك عين معرفة الرجال ؛ إذ ليس المراد خصوصَ معرفتهم من كتاب خاصّ .
وثانياً : أنّ دعوى حصول ذلك القطع في غير مثل سلمان ونحوه مكابرة .
وثالثاً : أنّ ذلك الخبر من أين عُرف كونه من مثل ذلك الراوي ؛ فإنّ مجرّد الإنتساب لا يفيد إلاّ الظنّ ؟
ورابعاً : أنّ عدالة الراوي مانعة من الإفتراء ومن التعمّد ولا مانعة من سهوه ونسيانه وخطئه ، وذلك الإحتمال احتمال عادي .
وخامساً : وجود ذلك الإحتمال في ناقل تلك الأُصول مثل الصدوق .
وسادساً : وجوده في الكاتب كما يشهد به اختلاف النسخ ، بل يكفي وجود ذلك الإحتمال في رواية مجهولة في المنع عن حصول القطع بتفاصيل ما في تلك الكتب .
والحاصل : أنّ دعوى الجزم من خبر الثقة المشافه قبل التنبيه على الغفلة عن احتمال السهو والنسيان ممّا لا يمكن إنكارها .
وأمّا دعواه في حقّ أخبار كتبنا بعد تمادي الأيّام المتداولة وسنوح السوانح ، ووقوع ما وقع من الغفلات والزلاّت والإشتباهات ، واحتمال اختلاط الأُصول المعتمدة بغيرها ونحوها ، ففي غاية البُعد من أهل الإنصاف .
وأمّا الثاني ، فلأنّ التعاضد الموجب للقطع إن كان ، ففي غاية القلّة ، وغيره


الفوائد الرجاليّة
64

وأمّا الخامس : أنّ أصحاب هذا الإصطلاح قد اتّفقوا أنّ مورد التقسيم إلى الأنواع الأربعة إنّما هو الخبر الواحد العاري عن القرائن . وقد عرفت من كلام أُولئك الأعلام أنّ أخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن الدالّة على صحّتها وحينئذٍ فظهر عدم وجود مورد التقسيم المذكور في أخبار هذه الكتب . ۱
وفيه : أنّ الغرض إن كان دعوى القطع من تلك الكلمات بصحّة تلك الأخبار ، فهي مردودة إلى مدّعيها .
سلّمنا حصوله للمدّعي ، لكن قطعه ليس بحجّة إلاّ لنفسه ، وإن كان دعوى الظنّ ، فيرجع كلامه إلى ما نقلناه من النراقي رحمه الله ، ويظهر ضعفه من ضعفه .
وممّا أظهرنا ـ من شناعة قول هذا الشيخ ـ يظهر شناعة قول من يدّعي عدم الحاجة إلى هذا العلم ؛ لكون الأخبار قطعيّةَ الصدور باحتفافها بقرائنَ مفيدةٍ للقطع : ۲
منها : أنّا كثيراً ما نقطع بالقرائن الحاليّة والمقاليّة بأنّ الراوي كان ثقةً في الرواية لم يرْضَ بالافتراء ولا بروايةِ ما لم يكن بيّناً واضحاً عنده وإن كان فاسدَ المذهب أو فاسقاً بجوارحه . وهذا النوع من القرينة وافر في أحاديث كتب أصحابنا .
ومنها : تعاضد بعض الأخبار ببعض .
ومنها : نقل الثقة العالم الورع في كتابه ـ الذي ألّفه لهداية الناس ، ولأن يكون مرجعَ الشيعة ـ أصلَ رجلٍ أو روايتَه مع تمكّنه من استعلام حال ذلك الأصل أو تلك الرواية وأخذ الأحكام بطريق القطع عنهم عليهم السلام .
ومنها : كون الراوي ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم .
ومنها : كون الراوي من الذين قال الإمام في حقّهم : «إنّهم ثقات مأمونون» ، ونحو ذلك .

1.الحدائق الناضرة ۱ : ۲۳ .

2.مناهج الأحكام والأُصول : ۲۶۹ نقلاً .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56754
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي