67
الفوائد الرجاليّة

لا يتحقّق بمجرّد وصف الحديث بالصحّة،فلابدّ من مراجعة السند والنظر في حال الرواة ليؤمَن من معارضة الجرح له بأن يُتفحّص عن المعارض كما أنّه لا يُعمل بكلِّ خبر حتّى يتفحّص عن معارضه ، وبالعامّ قبل الفحص عن المخصّص.
والسرّ في ذلك أنّ المعتبر هو ظنّ المجتهد بعد الإجتهاد وهو الظنّ المستقرّ . وإذا لوحظ اختلاف العلماء في كثير من الرجال ـ الذين يحتمل كون ما نحن فيه منهم احتمالا قويّاً ـ يضمحلّ الظنّ الحاصل من تصحيح الغير .
وتوهّم كون الإطلاق محمولاً على ما هو المعتبر عند الكلّ فاسد ؛ إذ المتعارف في المحاورات العرفيّة التكلّم بمعتقدهم . ولكنّك خبير بأنّ المقصود الأصلي من البحث عن حال الرجال حصول الظنّ بصدور الرواية من المعصوم كما هو المستفاد من طريقة القوم . ومتى حصل ذلك بتصحيح الغير ممّن كان من أهل الخبرة في ذلك ، ولاسيّما بعد ملاحظة صحّة جملة ممّا صحّحه ولم نجد لتصحيحه معارضا ، فلا دليل على لزوم أزيدَ من ذلك . ولا ريب أنّ الظنّ الحاصل من تصحيح مثل ذلك مستقرّ غالباً .
نعم ، لو لم يكن من أهل الخبرة ، أو كان ولكن ضعّف أهل خبرة آخَرُ ما صحّحه ، يزول ذلك الظنّ أو لا يحصل الوثوق به فإذن لابدّ من المراجعة .
ولعلّ ذلك هو مراد من يكتفي بذلك بل ربما يتّفق أنّ وثوق المجتهد بتصحيح الغير أكثر وأقوى من وثوقه بتصحيح نفسه ؛ لكونه ممّن شبّ وشاب في ذلك العلم ، واطّلع على قرائنَ لا يمكن تحصيلها غالباً إلاّ بعد الممارسة التامّة غير الحاصلة إلاّ بعد صرف تمام العمر أو أكثره فيه . فظهر جواب الدليل الأوّل .
وأمّا الثاني ، فمبناه على المقايسة بالخبر والعامّ . والفرق بينهما وبين المقام واضح ؛ للعلم الإجمالى بالمعارض والخاصّ على وجه الشبهة ۱ الكثير في الكثير

1.في «الف» و «ب» : «الشبه» .


الفوائد الرجاليّة
66

لا ينفع في المدّعى .
ويظهر الجواب من البواقي ممّا أشرنا هنا وسابقاً ، فلاحاجة إلى تطويل الكلام فيه .
وربما يقال : إنّ المراد بقطعيّة الصدور هو ما تطمئنّ به النفس وتقضي العادة بالصدق ، وهذا هو العلم العادي الحاصل من تلك القرائن المذكورة .
وأنت خبير بأنّ المراد من العلم العادي إن كان ما أشرنا إليه ـ وهو الجزم قبل التنبيه على الغفلة ـ فلاريب أنّه لا يحصل في أمثال أخبار الأحكام ، وإن كان الراجحَ غير المانع من النقيض ، فهو عين الظنّ ، ولا ينفع تسمية شيءٍ باسم شيءٍ في ترتّب آثاره عليه .
ولقد أنصف النراقي رحمه الله في المقام ؛ حيث جعل تلك القرائن من أسباب الظنّ ، وجعل وجه عدم الحاجة إلى ذلك العلم أنّ أقصاه ۱ تحصيل الظنّ الحاصل الأقوى منه بها ، فلا حاجة . ۲
وهو وإن كان كلاماً لا ضير في صدوره من العلماء ، لكن قد عرفت طرق ضعفه أيضاً .

[ جواز الاعتماد على تصحيح الغير ]

ثمّ إنّه ربما يدّعى في المقام ثبوت الحاجة إلى ذلك العلم كلّيّةً بمعنى عدم جواز الإعتماد على تصحيح الغير كالعلاّمة ونحوه ، بملاحظة أنّ الأصل تحصيل العلم أو ما في حكمه من الشهادة والرواية ، وبعد تعذّره في المقام في الأغلب وعدم إمكان كون التعديل منهما في الغالب يُكتفى بالظنّ الأقرب ، وهو الحاصل من بعد البحث ، وأنّ قبول التعديل موقوف على عدم معارضة الجرح ، وذلك

1.في «ج» : «قصواه» .

2.مناهج الأحكام والأُصول : ۲۷۱ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56716
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي