71
الفوائد الرجاليّة

العلم فيما علمنا التكليفَ به يقوم الظنّ مقامه ، وهو حاصل من التعديل والتصحيح سواء كانا من القدماء أو من المتأخّرين .
ثمّ لا يتوهّم أنّ ذلك قول بحجّيّة الظنّ المطلق في الأحكام ؛ وذلك لأنّ الظنّ المطلق حينئذٍ إنّما اعتُبر في شرط قبول خبر الفاسق الثابت اعتبارُه بعد ذلك بالآية التي هي من الظنون الخاصّة ؛ ومن ذلك يظهر عدم منافاة القول بحجّيّة خبر العدل تعبّداً مع إثبات العدالة بالظنون الإجتهاديّة الرجاليّة ؛ فتدبّر .
وأيضاً لا ينافيه قول الشيخ في العُدّة : إنّ من شرط العمل بخبر الواحد العدالةَ بلا خلاف ۱ ؛ فإنّ الظاهر أنّ اشتراطهم العدالةَ إنّما هو لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو من دون حاجة إلى التفتيش والإنجبار بشيء .
ويظهر ذلك من رويّتهم وطريقتهم في الحديث والفقه والرجال ؛ فإنّ عملهم بأخبار غير العدل أكثرُ من أن يَحصى ، وترجيحَهم في الرجال قبول الرواية من غير العدل بحيث لا يخفى ، وامثال ذلك .
بل يظهر من ادّعاء الشيخ بنفسه عملَ الطائفة المحقّة بأخبار المتحرّز عن الكذب في الحديث وإن كان فاسقاً في الجوارح .
وإن سلّمنا عدم تحقّق ذلك الإجماع والسيرة من كلماتهم واهتمامهم بالرجال وغيرهما ، فنقول ثانياً : بعد سدّ باب العلم بالنسبة إلى ما علم صدوره من الحجج عليهم السلامينفتح باب الظنّ إليه ، فلابدّ من الإعتماد على ما ظنّ بصدوره ظنّاً مستقرّاً ، ولا ريب أيضاً في حصوله من التعديل والتصحيح مطلقاً .
وأمّا دعوى قطعيّة أخبار الكتب المدوّنة المعروفة ، فلا حاجة إلى الرجال ، أو حصولِ الظنّ المستقرّ من شهادة المشايخ على صحّة ما في كتبهم وسائر القرائن الدالّة على ذلك فلا حاجة أيضاً ، فقد عرفت ضعفهما .
فإذن لا ينبغي الريب في الإحتياج .

1.العدّة في أُصول الفقه ۱ : ۱۳۲ .


الفوائد الرجاليّة
70

التعديل شهادةً على نفس ذلك الوصف ، وفي التصحيح شهادةً على صحّة الخبر المستلزم لعدالة الراوي ، وهو أيضاً في المقام معتبر ، كما يظهر من كلماتهم بالنسبة إلى من أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنه . وبالجملة : نحن في قصور عن مغزاه .
والحاصل : أنّ الأصل لمّا كان حرمة العمل بالظنّ ، ودلّ منطوق الآية على [لزوم ]التبيّن عند خبر الفاسق ، فلابدّ من الإقتصار على الظنّ المعلومِ الحجّيّةِ بدليل خاصّ إن كان ، وعلى فرض عدمه ـ كما هو المفروض فيما نحن فيه ـ لابدّ من الأخذ بظنٍّ لم يقم القاطع على عدمه .
ونحن في الأحكام لمّا كنّا مأمورين بالأخذ من اللّه تعالى وأُمنائه ـ كما دلّ عليه العقل والنقل ـ نأخذ بما علمنا أنّه منهم ، وأمّا ما لم نعلم فيه ذلك كالأخبار غير القطعيّة ، فأوّلاً ندّعي بناءَ القدماء من الأصحاب على العمل بالأخبار الموثوقة بصدورها بأيّ وجه حصل ، كما يشهد عليه ما عن الشيخ من أنّه يكفي في الراوي أن يكون ثقة متحرّزاً عن الكذب في الحديث وإن كان فاسقاً في الجوارح ، وأنّ الطائفة المحقّة عملت بأخبار جماعة هذا حالهم ، ۱ وما عن غيره . مضافاً إلى استقرار سيرة المسلمين وبناء العقلاء على ذلك .
وعلى ذلك ندور في الأخبار مدارَ الوثوق وعدمِه سواء حصل بتعديل الرواة ، أو بتصحيح الغير ، أو بوجودها في الكتب المعتمدة ، أو بانجبار ضعف السند بالشهرة، أو بسائر القرائن، سواء كان الراوي فاسدَ العقيدة، أو فاسدَ الأعمال ، أم لا.
ولا ينافيه منطوق آية النبأ ؛ لأنّ المراد بالتبيّن فيها إن كان أعمَّ من العلميّ والظنّي ـ كما احتمله بعض ـ فلا إشكال ، وإن كان الأوّلَ ـ كما هو الظاهر من اللفظ ويساعد عليه التعليل المذكور في الذيل ـ فنقول :
إنّ مقتضى ظاهر الآية وجوب التبيّن عند إخبار الفاسق ؛ وعند عدم إمكان

1.العدّة في أُصول الفقه ۱ : ۱۳۴ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56860
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي