79
الفوائد الرجاليّة

من دون قيد ، فالظاهر منه الوثوق من كلّ جهة .
وهما أيضاً بمكان من الضعف ؛ فإنّ المراد إن كان عدمَ الوثوق شرعاً ، فأوّل الكلام .
والتمسّك له بقوله تعالى : « وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا »۱ لا وجه له ؛ لعدم صدق الظالم عرفاً على الثقة غير الإمامي ، ولاسيّما إذا لم يكن مقصّراً .
وإن كان عدمَ الوثوق به عرفاً ، ففساده واضح ، وكذا من البيّن إطلاق الثقة على وجه الإطلاق على الرجل المؤتمن إماميّاً كان أو غيره فإذن المستفاد منه بظاهر اللفظ هو المؤتمن بحسب أفعال الجوارح والأعضاء أي المؤتمن في دينه .
إلاّ أن يقال : إنّ المقام مقام الإعتماد على الظنّ ، ولا غائلة في حصوله من مجموع ما ذكر ، سيّما من دعوى جمعٍ حكمَهم على كونه عدلاً إماميّاً بمجرّد قول الإمامي العدل : ثقة ؛ لظهور هذا القول في اتّفاقهم على ذلك ، ولا أقلّ من حصول الظنّ بالنقل في مصطلح أرباب الرجال من ذلك فيكتفى به ؛ فتدبّر .
بقي الكلام ـ على فرض تسليم ذلك الإصطلاح ۲ ـ في إشكالات أُوردت على المقام :
الأوّل : أنّا لا نعلم مذهب أرباب الرجال في العدالة ، والخلاف في معنى العدالة معروف ، فلعلّ بناءهم فيها على كفاية الدرجة النازلة من درجاتها ، فلا يجوز الإعتماد على تزكيتهم إلاّ لمن اختار ذلك .
الثاني : أنّ جملة كثيرة من الرجال معروفون بكونهم على خلاف المذهب في أوّل الأمر ، ثمّ رجعوا وتابوا وحسن إيمانهم ، كما يظهر من ترجَمة الحسين بن يسار ، وعليّ بن أسباط ، وغيرهما ممّن كانوا من غير الإماميّة ، ثمّ رجعوا وتابوا ، واعتمد الأصحاب على رواياتهم مع عدم علمهم بتأريخ زمان الأداء ، وكذا الكلام

1.هود (۱۱) : ۱۱۳ .

2.أي كون الثقة بمعنى العدل الإمامي «منه» .


الفوائد الرجاليّة
78

والظاهرَ من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا أنّهم اصطلحوا ذلك في الإماميّة وإن كان يطلقون على غيرهم مع القرينة ؛ فإنّ معنى «ثقةٌ» : عادل ثَبَتٌ ، فكما أنّ «عادل» ظاهر فيهم فكذا «ثقة» ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الكامل ؛ أو لغير ذلك .
نعم ، في مقام التعارض بأن يقول الآخَر : «فطحي» مثلاً يحكمون بكونه موثّقاً معلِّلين بعدم المنافاة . ولعلّ مرادهم عدم معارضة الظاهر للنصّ وعدم مقاومته .
ولكنّك خبير بأنّ المستفاد من كتب اللغة أنّ الوثوق هو الائتمان يقال : وثق به ـ كورث ـ ثقةً ومَوْثِقاً : ائتمنه ، فالثقة بمعنى المؤتَمن ، فلا دلالة في جوهر اللفظ على التشيّع والعدالة المصطلحة .
بقي الكلام في القرائن المذكورة .
أمّا الأُولى فلا دلالة فيها بحيث يطمئنّ بها النفس ؛ لعدم استفادة الإعتماد بعدم الظفر على عدم الوجود بعد فصل زمان كثير بين النجاشي وبين الراوي فيحتمل أنّ النجاشي لم يطّلع إلاّ على كونه مؤتَمناً ، ويشهد عليه تعليلهم بعدم المنافاة كما سمعت .
وكذا الثانية ؛ لأنّ ادّعاء الظهور المذكور إنّما يتمّ لو كان الغالب في الرواة ـ غلبةً معتدّاً بها بحيث توجب الظنَّ ـ التشيّعَ ، وكان الغالب فيهم كذلك حسنَ العقيدة ، وفي ثبوت المقدّمتين تأمّل .
والثالثة ممنوعة ؛ لعدم ثبوت الإصطلاح ، وكونُ الثقة بمعنى العادل ممنوع إلاّ أن يراد به معناه الأعمّ وحينئذٍ ظهوره في الشيعة ممنوع .
والمسلّم من انصراف المطلق إنّما هو انصرافه إلى الأفراد الشائعة وجوداً أو استعمالاً ، لا إلى الكامل من حيث الكمال .
وقد يدّعى أنّ المستفاد من اللفظ كونه إماميّاً إمّا لأنّ غير الإمامي لا وثوق به ، أو لأنّ غير الإمامي ثقة في الجملة لا مطلقاً ؛ لتقصيره في أمر اعتقاده ، فإذا قيل به

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56886
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي