81
الفوائد الرجاليّة

ولا يحكمون بأنّه ثقة ، كما في إبراهيم بن هاشم ونحوه ، فمثل ذلك كاشف عن أنّ مرادهم بالثقة هو الأمر المعتبر على كلّ مذهب ، فراعوا في ذلك تعميمَ النفع .
وتوهُّم تضييق الأمر على المكتفي بالدرجتين الباقيتين بذلك مدفوع بحصول النفع له بمراتب المدح .
وعن الثاني : بأنّ الراوي المتّصف بالحالتين عُمل بما عُلم روايته حالَ الإستقامة أو ظُنَّ ، ويُترك بما علم روايته حال الخلط أو ظُنَّ ولم يُظَنَّ بصدورها من المعصوم من القرائن ، وإن ظُنّ بصدورها منه عليه السلام في تلك الحالة أو في حالة الشكّ فكالأوّل .
هذا إن كان الخلط بالكفر مثل الغلوّ ، وإن كان بغيره ففي بعض الصور ۱ يصير الخبر به موثّقاً ، فلا يتفاوت الحال بالنسبة إلى من يَرى حجّيّته .
وقد صرّح الشيخ في العدّة ـ على ما حكي ـ ببعض ذلك ؛ حيث قال :
فأمّا ما يرويه الغُلاة ، والمتّهمون ، والمضعّفون وغير هؤلاء ، فما يختصّ الغلاة بروايته فإن كانوا ممّن عُرف لهم حالُ استقامةٍ وحال غلوٍّ ، عُمل بما رووه حال الإستقامة وتُرك ما رووه حال التخليط ، فلأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب في حال استقامته ، وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي ، أو ابن أبي العزافر وغير هؤلاء . فأمّا ما يروونه في حال التخليط فلا يجوز العمل به على كلّ حال . انتهى . ۲
والظاهر أنّ مراده من عدم جواز العمل إنّما هو في صورة عدم الاعتضاد بقرائنَ أُخَرَ دالّةٍ على الصدق .
وأمّا اعتماد الأصحاب على روايات مثل الحسين بن بشّار ، وعليّ بن

1.في حاشية «ب» : «هو ما إذا علم أو ظنّ أنّ روايته كانت حالَ عدم الاستقامة» .

2.العدّة في أُصول الفقه ۱ : ۱۵۱ .


الفوائد الرجاليّة
80

في مثل عليّ بن محمّد بن رباح ، وعليّ بن أبي حمزة ، ونحوهما ممّن كانوا على الحقّ ، ثمّ توقّفوا ، وروى عنهم ثقاتُ الأصحاب ، وصرّح أجلاّء المتأخّرين ـ على ما نقله الفاضل في القوانين ـ بقبول رواياتهم مع جهل التأريخ . ۱
الثالث : أنّ التوثيق إنّما يؤثّر في قبول الروايات المتأخّرِ صدورُها عن حصول الوثاقة ۲ ، ومن البيّن أنّ التوثيق غير موقّت في الكتب الرجاليّة ، وكذا صدور نقل الرواية عن الراوي ، ولازمه عدم نفع التوثيق في القبول في المقام ، بل أصالة تأخّر الحادث مقتضاها حصول الوثاقة للراوي المزكّى في أواخر الأمر ؛ فإنّ الأصل عدم العدالة .
غاية الأمر معارضة ذلك الأصل مع أصالة تأخّر الصدور ، وذلك غير نافع ؛ لأنّا إن سلّمنا التعارض والتساقط يبقى الرواية مجهولةَ الحال .
وإن قلنا بإثبات التقارن بالأصلين فمع بُعده جدّاً لا ينفع ؛ لكون صدور الروايات تدريجيّاً ، فالعلم حاصل بصدور ما عدا الواحد قبل صيرورته ثقةً وهو مجهول ، فيَسري الإجمال .
وإن قلنا بعدم حجّيّة الأُصول المثبتة ، فالأصل الأوّل ۳ سليم عن المعارض .
والفارق أنّه يترتّب على أصالة تأخّر العدالة حكم شرعيّ من دون واسطةِ مقدّمة عاديّة وهو عدم قبول الروايات . ولا يترتّب على أصالة تأخّر الروايات قبولُها إلاّ بتوسّط كون الوثاقة قبل ذلك حاصلةً وهي مقدّمة عاديّة ، فتدبّر .
وأمتن الأجوبة عن الأوّل : أنّ القرينة موجودة على إرادة الدرجة العليا ؛ فإنّهم كثيراً مّا يمدحون الرجل بمدائحَ تَجاوَزُ ۴ عن درجة مراتب حسن الظاهر ،

1.القوانين المحكمة : ۴۶۴ .

2.للراوي .

3.أي أصالة عدم العدالة .

4.أي تتجاوز .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56865
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي