83
الفوائد الرجاليّة

وأمّا إذا لم يكن كذلك كعليّ بن حسن بن عليّ بن فضّال ـ حيث حكي أنّ الطائفة كثيراً مّا يعتمدون على قوله في الرجال ، ويستندون إليه في معرفة حالهم من الجرح والتعديل ، وعن جملة من علماء هذا الفنّ أنّه كان فطحيّاً ـ ففي استفادة العدل الإمامي من قوله : «ثقة» في حقّ الرواة تأمّل ؛ فإنّ المتعارف المعهود أنّ كلّ مَن يوثّق غيرَه إنّما يوثِّقه على مذهبه ولو أغمضنا عن ذلك . فقد عرفت أنّ اللفظ بنفسه لا يدلّ على ذلك ، والقرائن المعتمدة المذكورة في توثيق العدل الإمامي غير موجودة هنا ، فالظاهر جعل رواية مَن وثّقه من الموثّقات ، إلاّ أن يظهر العدالة المصطلحة من الخارج اقتصاراً على المتيقّن .
وأمّا جرحه فربما يقال : انّه يحصل من جرحه الظنُّ ، بل ربما يكون أقوى من الإمامي .
وفيه تأمّل كما في جرحه لأبان بن عثمان بكونه من الناووسيّة نقله الكشّي ، عن محمّد بن مسعود عن عليّ بن حسن ۱ .
وعن فخر المحقّقين أنّه سأل والده رحمه الله عن أبان بن عثمان ، فقال : «الأقرب عندي عدم قبول روايته ؛ لآية النبأ ، ولا فسق أعظمُ من عدم الإيمان» . ۲
ووجه التأمّل أنّ كونه ناووسيّاً لا يثبت بمجرّد قول فطحي .
ولقد أجاد صاحب المعالم في المقام ؛ حيث قال :
ما جُرح به لم يثبت ؛ لأنّ الأصل فيه عليّ بن حسن ، والمتقرِّر في كلام الأصحاب أنّه من الفطحيّة ، فلو قُبل طعنه في أبان ، لم يتّجه المنع من قبول رواية أبان ؛ إذ الجرح ليس إلاّ لفساد المذهب ، وهو مشترك بين الجارح والمجروح ۳ . انتهى .

1.اختيار معرفة الرجال : ۳۵۲ / ۶۶۰ .

2.رسايل الشهيد الثاني (حاشية خلاصة الأقوال) ۲ : ۹۱۱ .

3.منتقى الجُمان ۱ : ۱۵ نقل بالمضمون .


الفوائد الرجاليّة
82

محمّد بن رباح ، فلعلّه من جهة علمهم بالتأريخ أو من جهة القرائن الخارجيّة ، بل ذلك ممّا يوجب وثوقنا بأخبار هؤلاء ، ولاسيّما بعد ملاحظة ما هو المعهود من حال أصحاب الأئمّة من كمال اجتنابهم عن الواقفيّة وأمثالهم من فِرَق الشيعة ، ومن كون معاندتهم معهم وتبرُّئهم عنهم أزيدَ من تبرّئهم من العامّة ؛ فرواية الثقات والأجلاّء عنهم قرينة على أنّ الرواية كانت حال الإستقامة ، أو أنّ الرواية عن اصلهم المعتمد المؤلَّف قبل فساد العقيدة أو المأخوذة من المشايخ المعتمدين من أصحابنا ، كما عن الشيخ التصريحُ به بالنسبة إلى كتب عليّ بن الحسن الطاطري ؛ حيث قال : «إنّه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم» . ۱
وعن الثالث : بأنّ الظاهر من دأب أرباب الرجال أنّهم يذكرون التوثيق المطلق بالنسبة إلى من اتّصف بالوثاقة من أوّل زمان رواية الروايات ، ولو اختلف الحال ، لنبّهوا عليه . ويقوى ذلك الظهور بملاحظة أنّ الغرض من التوثيق إنّما هو اتّكالُ مَن لم يدرِك زمانَه على رواياته .
مضافاً إلى أنّ أمثال تلك المناقَشات إنّما صدرت من المتأخّرين ولم يتأمّل السابقون عليهم في التزكية من هذه الجهات ، ولعلّ ذلك أيضاً إنّما هو من أجل الظهور الذي استفدناه .
وبالتأمّل فيما ذُكر يظهر قوّة القول بأنّ الإعتماد على التوثيق من باب الظنون لا من باب الرواية والشهادة ؛ فإنّه أقوى الشاهد على ما اخترناه .
ثمّ إنّ قولهم : «ثقة» واضح الدلالة على كونه ضابطاً ، إمّا بظَهر القلب ، وإمّا بالكتاب بأن يبادر بضبط ما سمعه فيه ؛ فإنّه لا وثوق بنقل غير الضابط . ومن البيّن أنّ دلالته على ذلك أظهرُ بمراتبَ من دلالته على العدالة بالمعنى المصطلح .
فتلخّص ممّا ذكر أنّ مرادهم من قولهم : «ثقة» هو العدل الإمامي الضابط ، واختاروا تلك اللفظة للاختصار . هذا كلّه إذا كان المزكّي عدلاً إماميّاً .

1.العدّة في أُصول الفقه ۱ : ۱۵۰ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56840
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي