85
الفوائد الرجاليّة

إماميّاً ؛ فتدبّر . ۱
ثمّ إنّ المدح يجامع القدح بغير فساد المذهب ؛ لعدم المنافاة بين كونه ممدوحاً من جهة ومقدوحاً من أُخرى . ولو اتّفق القدح المنافي فيُرجع فيه إلى قانون التعارض ، ولو اتّفق غير المنافي فإمّا أن يكونا ممّا له دخل في السند ، أو ممّا له دخل في المتن ، أو المدح من الأوّل والقدح من الثاني ، أو بالعكس .
امّا الأوّل ، مثل أن يكون صالحاً كثيرَ النسيان والسهو ؛ فإنّ أحدهما يحصل من ملاحظته قوّةً في السند ، ومن الآخر وهنٌ فيه ، فلو حصل رجحان لأحدهما من ملاحظة خصوصهما لتفاوت مراتب المدح والقدح في أنفسهما ، أو لملاحظة الأُمور الخارجيّة وكان ذلك الرجحان معتدّاً به فيؤخذ به وإلاّ فلا اعتبار .
وكذا الكلام في الثاني مثل أن يكون جيّدَ الفهم ، رديء الحافظة .
وأمّا الثالث ، مثل أن يكون صالحاً سيّءَ الفهم أو الحافظة ، فلعلّه معتبر في المقام على تأمّل فيه .
وأمّا الرابع ، فأمره واضح من عدم الإعتبار .
ومنها : قولهم : «ثقة في الحديث» .
ونسب إلى المتعارف المشهور أنّه تعديل وتوثيق للراوي نفسه .
وربما يقال : لعلّ منشأه الإتّفاق على ثبوت العدالة ، وأنّه يذكر لأجل الإعتماد على قياس ما ذكر في التوثيق ، وأنّ الشيخ الواحد ربما يحكم على واحد بأنّه ثقة ، وفي موضعٍ آخَرَ بأنّه ثقة في الحديث ، مضافاً إلى أنّه في الموضع الأوّل كان ملحوظُ نظره الموضعَ الآخَرَ كما في أحمد بن إبراهيم بن أحمد .
ولكنّك خبير بأنّ التقييد بقولهم : «في الحديث» ممّا يشعر بأنّ المراد ليس العدلَ الإماميَّ ، والإجماع على اشتراط العدالة بالمعنى المصطلح ممّا لم يَثبت

1.إشارة إلى ضعف هذا الكلام ويظهر وجهه ممّا سبق في ردّ القائلين بكون الثقة ظاهراً في العدل الإمامي «منه» .


الفوائد الرجاليّة
84

وما ذكرناه إنّما هو من باب المثال .
ومنها : ما لو كرّر اللفظة .
وهو تأكيد يفيد زيادة الاعتناء بمن قيل ذلك في حقّه ، سواء قلنا بأنّ مُفاد غير المكرّر التعديل المصطلح أم لا . ونسب قراءة ذلك على ذلك النّحو إلى المشهور .
وربما يقال : إنّه بالنون موضعَ الثاء المثلّثة ، ولم أجده في اللغة ، فهو إمّا من اشتباه القائل أو من الإتباع . ۱
ومنها : قولهم : «ممدوح» .
ومن البيّن أنَّ المدح ، منه ماله دخل في قوّة السند وصدق القول ، مثل : «صالح» و«خير» ، ومنه ماله دخل في المتن ، مثل : «فَهِم ، حافظ» ، ومنه ما لا دخل فيهما ، مثل : «شاعر» و«قارئ» .
ولعلّ من قبيل الثاني قولَهم : «أديب» أو «عارف باللّغة» أو «النحو» فينفع في مقام الترجيح والتقوية بعد ما صار الحديث صحيحاً أو حسناً أو قويّاً ؛ لحصول القوّة في المتن . والظاهر اعتباره في الراوي عن المعصوم بلا واسطة ؛ فإنّ لكلّ ذلك مدخلاً في فهم الحديث وضبطه وأمّا في الوسائط فلا ، إلاّ أن يعلم أنّه الذي نقل الحديث بالمعنى . وأمّا نفس قولهم : «ممدوح» فلعلّ الظاهر من الإطلاق مدحه بما يوجب قوّة السند ؛ فتدبّر ، ۲ فيوجب كون الحديث حسناً إن كان إماميّاً ، وقويّاً إن كان فاسدَ العقيدة .
وأمّا دلالة مجرّد تلك اللفظة على كونه إماميّاً فأضعفُ بمراتبَ من دلالة قولهم : «ثقة» عليه ، إلاّ أن يلاحظ أنّ إظهار المدح مع عدم إظهار القدح ولا تأمّلٍ منهم ، وأنّ ديدنهم التعرّضُ لفساد المذهب ـ إن كان ـ ظاهر في كونه

1.نعم في القاموس في غير محلّه : «ثقة نِقَةٌ إتباعٌ» وذلك لأنّه قاله في باب نقي ينقى ومقتضى القياس ذكره في الأحوال لا الناقض ؛ فتدبّر «منه» . القاموس المحيط ۴ : ۳۹۹ (نقى) .

2.إشارة إلى أنّ الممدوح عامٌّ والعامّ لا يدلّ على الخاصّ «منه» .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56702
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي