التحفة العلويّة - الصفحه 202

عقليّة أيضاً ، كلّ ذلك على اصطلاحهم المذبورة في الكتب النحويّة والمعانيّة والاُصوليّة إلى غير ذلك ؛ بل إنّ في اصطلاح الأئّمة الدوالّ كثيرة ، والدلالات عديدة ، منها ما ذكر ، و منها ما لم يذكر ، و قد ورد عنهم : أنّ الطريق إلى اللّه بعدد أنفاس الخلائق ، ۱ و من البديهيّات أنّ الدلالة طريق ، و أنّ الطريق دالّ لم يكَد أن يشكّ فيه ذو مُسكة ؛ ۲ فالدلالة في اصطلاح أهل البيت ـ سلام اللّه عليهم ـ ليست مقصورة على ما هو المتعارف المعهود عند الأكثرين ، نعم هم عليهم السلام يتكلّمون مع أهل كلّ اصطلاح باصطلاحهم كما يثبت في علم اُصول الفقه ، و كذلك القول في أكثر الألفاظ المستعملة في هذا الخبر و في غيره ؛ و لهذا ورد في خصوص القرآن والحديث أنّ القرآن أو أنّ كلامنا ذو وجوه ، فاحملوه على أحسن الوجوه .۳
و هذا الذي سمّاه عليه السلام بأحسن الوجوه ذو وجوه أيضاً ، منها : حمل كلّ أحد إيّاه على ما هو المصطلح عنده عند عدم الدليل في الواقع على خلافه ، أو عدم الدليل على خلافه عنده ، أو عدم فهم دلالة الدليل على خلافه ، أو عدم فرضته لفهم دلالة الدليل المخالف ، ۴ أو لممنوعيّة عن التوجّه إليه و فهمه المراد منه ، أو لقصور فهمه الخلاف عمّا هو الدليل المخالف عنده أيضاً ؛ حيث إنّه فهم أنّ هذا الدليل مخالف لما عنده من الاعتقاد ، إلاّ أنّه لا يفهم المراد منه ، إلى غير ذلك ؛ لكي كلّ ذلك عند الإيضاف و التجافي عن الاعتصاف ؛ ۵ فإنّه مخطئ مأجور ؛ وإلاّ فهو مخطئ عند شيطان مريد أخذه اللّه سبحانه أخذا شديدا ، و شطّطه شذراً بديداً ؛ ۶ و قد قدّمت بعض الكلام بهذا

1.لم نجد الخبر في أحاديث الفريقين ، و الظاهر أنّه من أقوال الحكماء و العرفاء . راجع : بحار الأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۱۳۷ ؛ شرح الأسماء الحسنى ، ج ۱ ، ص ۹۴ و ۱۴۵ و ۲۴۵ ؛ و ج ۲ ، ص ۱۲ و ۸۳ .

2.رجل ذو مسكة أو ذو مسك : أي ذو رأي أو ذو عقل ؛ يقال : ما بفلان مسكة : أي ما به قوّة ولا عقل . راجع : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۸۸ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۲۸۸ .

3.راجع : عوالي اللئالي ، ج ۴ ، ص ۱۰۴ ؛ نهج البلاغة ، ص ۴۶۵ .

4.الفرضة ، يحتمل أن يكون بمعنى القطع ، أو بمعنى المحطّ أو المشرع أو الثلمة . راجع : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۲۰۳ .

5.الإيضاف : العدول . و التجافي أيضاً بمعنى التباعد . والاعتصاف : أي الاكتساب أو الطلب . راجع : العين ، ج ۶ ، ص ۱۹۰ ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۸ ؛ و ج ۹ ، ص ۲۰۸ و ۲۴۷ ؛ مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۸۸ .

6.شطّ أي بعد ، و كلّ بعيد شاطّ ؛ لكن إرادة التفعيل منه لا يساعدها اللغة ، و الصحيح أشطّه من الإفعال مع أنّه غريب أيضاً . و الشذر : هنات صغار ، و فيه معنى الصغارة و بالإيجاز الحقارة ، و هو جمع شذرة . و البديد من البدّ ـ بالضمّ ـ بمعنى الفراق ، والبديدة و التبدّد : التفرّق ، والتبديد : التفريق ، لكن فعيل منه بعيد ، ويحتمل أن يكون «بدداً» . راجع : العين ، ج ۶ ، ص ۲۱۲ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۷۹ ؛ و ج ۷ ، ص ۳۳۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۱ ؛ و ج ۴ ، ص ۲۵۸ .

الصفحه من 230