التحفة العلويّة - الصفحه 204

ما يفهمه العوام من الحرف و الصوت ؛ فهذا الكلام ـ على قائله آلاف تحيّة و سلام ـ نازل على المتفاهم العرفي و المصطلح المعروفي عند العوام ، الذين ليس مبلغ فهمهم من الكلام إلاّ إلى هذا المقام ، و إن كان للكلام عند الأئمّة عليهم السلام من المعنى بل المعاني ما هو غير هذا المرام أيضاً [و] هو كذلك في الفرقان المجيد والقرآن الحميد ؛ ها هو كلامه سبحانه يقول : «إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» 1 و إن كنت من الذين لا يفهمون ، وشاهده قوله سبحانه ، ولكن ما الفائدة في أنّك لست لكلامها من السامعين ؛ ها هو اللّه سبحانه يقول : «كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ» 2 لكن ماذا وضع بأنّك ما سمعت بفطرته ، ولا فهمت تقدّسه ؛ ها هو الإمام ـ عليه الصلاة و السلام ـ يقول : إنّ الماء يسبّح بفيضانه ، و الطير بطيرانه ، أو هذا بهفيته 3 ، وذاك بدفيفه ، 4 لكنّك لست 5 بعالمه ولا فقيهه . و قد ورد عن أهل العصمة سلام اللّه عليهم أجمعين : أنّ كلّ كتاب اُنزل على الأنبياء ما كان ينزله جبرئيل عليه السلام باللغة العربيّة ؛ لكن نبيّ كلّ قوم ما كان سمعه إلاّ بلسان قومه . 6
فأقول : إن كنت الداري فأيّ كلام هذا الذي يقول اللّه سبحانه لنبيّه الأمين المأمون : «إِنَّهُمْ 7 عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُلُونَ» 8 ؟ قل لي : هل فهمت و سمعت ذلك الخطاب الوارد من ربّ الأرباب للحاجّ الحجّاج المبيّن عن كلّ ناحية و فجاج : 9 «لبّيك اللّهمّ ربّنا لبّيك ، لبّيك و

1.سورة الإسراء ، الآية ۴۴ .

2.سورة النور ، الآية ۴۱ .

3.في النسخة : «بهفيطه» . ولم نجد في اللغة شيئاً يناسبه ، و الظاهر أنّه سهو من الكاتب ، و الصحيح ما أثبتناه . و «هفت» أي تساقط ، كمايهفت الثلج ، والهفت من المطر الذي يسرع انهلاله ، وانهفت أي انخفض و اتّضع . راجع : العين ، ج ۴ ، ص ۳۴ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۰۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۲۲۸ .

4.كذا . والدفّ : تحرّك الجناح ، يقال : دفّ الطائر دفيفاً : حرّك جناحيه بطيرانه ، و معناه : ضرب بهما بدفّتيه . راجع : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۰۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۵۹ .

5.في النسخة : «تست» .

6.راجع : الآية ۴ من سورة إبراهيم ؛ وبحار الأنوار ، ج ۱۱ ، ص ۴۲ ، ح۴۷ من دون الإسناد إلى المعصوم .

7.في النسخة : وإنّهم .

8.سورة الشعراء ، الآية ۲۱۲ .

9.فِجاج - بالكسر - جمع فجّ بمعنى مسلك أو الطريق أو الجهة. راجع: لسان العرب، ج ۲، ص ۳۳۸؛ مجمع البحرين، ج ۲، ص ۳۲۱ .

الصفحه من 230