التحفة العلويّة - الصفحه 208

وخصوص ، وحلول واتّحاد ، وتعرّض وتعريض ، وإيماء وتلويح ، وثقل وخفّة ، وحركة وسكون ، وتغيير وتبديل ، ومعروضية وعارضية إلى غير ذلك من القيود والإضافات ، منها كميل رحمه الله عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان عليه السلام أجابه بأجوبة ، منها : «محو الموهوم وصحو المعلوم» ومنها : «كشف سبحات الجلال من غير إشارة» إلى غير ذلك . ۱
وفهم ذلك وتصوّره لمن ليس له فؤاد مشكل جدّاً ؛ لا ترى كيف يخاطب عليّ عليه السلام الكميل مع أنّه من المعرفة بمكان عالٍ ؛ بقوله : ما لك والحقيقة؟! لأنّه عليه السلام علم بأنّ المعرفة بذلك المرام مشكل جدّاً ؛ كيف و هو ـ أعني كميل ـ يريد أن يعرف تلك الحقيقة بالعبارة والبيان والتشريح والتبيان ؛ ومن البيّن أنّ لسان العبارة هنا في الكلال ؛ إذ لا يوجب التعبير عنها إلاّ بُعداً وإضلالاً ؛ ۲ إذ كثرة التعبير والعبارة توجب ازدياد القيود والإشارة ، وبعد ذلك لا يفهم تلك الحقيقة ؛ ولهذا كان عليه السلام كلّمه ، يجيبه بجواب كان يقرّر أصل مفادّ جوابه الأوّل ، لا أنّه كان يجيب بجواب آخر كما حسبه جمع من أهل التصوّف خذلهم اللّه تعالى .
والحاصل يجيب : لم أراد فهم ذلك المرام سلب جميع القيود والشؤون عن هذا الاسم حتّى المتضادّات والمتناقضات ، التي اشتهر أنّ سلب النقيضين وجمعها لايمكن ، وإنّها غلط ؛ وإن شئت الشاهد فانظر إلى قوله عليه السلام في توصيف ذلك الاسم : مستتر غير مستور ؛ و كلاهما بصيغة المفعول ، أو الأخير فقط لفظاً والأوّل معنى كما يفهم من تفسيرنا له ، يعني إنّه مستتر في نفسه بنفسه ؛ لأنّه متجلبب في نفسه بجميع الشؤون والهيئات ، وغير مستور : أي ليس تحت شيء حتّى يكون به مقهوراً ، بل كلّ ما سواه من الفعليّات فيه صار مستوراً ؛ فهو وإن كان مستوراً لكنّه ظاهر أيضاً ، ومع كونه ظاهراً مستور أيضاً ؛ ففيها ظهر ، وبها منها استتر ؛ فافهم وسيجيء قليل بيان لذلك أيضاً ، فتربّص .

1.كذا .

2.العبارتان من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث المشهور بحديث الحقيقة المنتسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، تحقيق الحديث جاء مفصّلاً في المجلّد الثاني من مجموعة ميراث حديث شيعه ، ص ۲۰۵ . وراجع : روضات الجنّات ، ج ۳ ، ص ۵۳۷ ؛ مجالس المؤمنين ، ج ۲ ، ص ۱۲ ؛ شرح الأسماء الحسنى للسبزواري ، ص ۱۳۱ .

الصفحه من 230