ذلِكَ فَسَادٌ بِالتَّوَجُّهِ ^۱ إِلى آلِهَتِهِمُ اللَاتِي بِتَحْلِيلِهِمِ ^۲ اسْتَحَلُّوا التَّزْوِيجَ .
فَكُلُّ هؤُلَاءِ أَبْنَاؤُهُمْ أَبْنَاءُ سِفَاحٍ ، إِلَا أَنَّ ذلِكَ هُوَ أَهْوَنُ مِنَ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ ، وَإِنَّمَا إِتْيَانُ هؤُلَاءِ السِّفَاحَ إِمَّا مِنْ فَسَادِ التَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِ اللّهِ تَعَالى ، أَوْ فَسَادِ بَعْضِ هذِهِ الْجِهَاتِ ، وَإِتْيَانُهُنَّ حَلَالٌ ، وَلكِنَّهُ ^۳ مُحَرَّفٌ مِنْ حَدِّ الْحَلَالِ ، وَسِفَاحٌ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ بِلَا زِنًى ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِذَا دَخَلَا فِي الْاءِسْلَامِ ، وَلَا إِعَادَةَ اسْتِحْلَالٍ جَدِيدٍ ، وَكَذلِكَ الَّذِي يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ مَهْرٍ ، فَتَزْوِيجُهُ جَائِزٌ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، وَهُمَا عَلى تَزْوِيجِهِمَا الْأَوَّلِ ، إِلَا أَنَّ الْاءِسْلَامَ يَقْرُبُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ ، وَلَا يَبْعُدُ مِنْهُ ، وَكَمَا جَازَ أَنْ يَعُودَ إِلى أَهْلِهِ بِلَا تَزْوِيجٍ جَدِيدٍ أَكْثَرَ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْاءِسْلَامِ ، فَكُلُّ هؤُلَاءِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِمْ نِكَاحٌ صَحِيحٌ فِي مِلَّتِهِمْ ، وَإِنْ ^۴ كَانَ إِتْيَانُهُنَّ ^۵ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ حَرَاماً لِلْعِلَلِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا .
وَالْمَوْلُودُ مِنْ هذِهِ ^۶ الْجِهَاتِ أَوْلَادُ رِشْدَةٍ لَا أَوْلَادُ زِنًى ، وَأَوْلَادُهُمْ أَطْهَرُ مِنْ أَوْلَادِ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ مِنْ أَهْلِ السِّفَاحِ ، وَمَنْ قَذَفَ مِنْ هؤُلَاءِ فَقَدْ أَوْجَبَ عَلى ^۷ نَفْسِهِ حَدَّ الْمُفْتَرِي ؛ لِعِلَّةِ التَّزْوِيجِ الَّذِي كَانَ وَإِنْ كَانَ مَشُوباً بِشَيْءٍ مِنَ السِّفَاحِ الْخَفِيِّ ^۸ مِنْ أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ ، أَوْ فِي أَيِّ دِينٍ كَانَ إِذَا كَانَ نِكَاحُهُمْ تَزْوِيجاً ، فَعَلَى الْقَاذِفِ لَهُمْ مِنَ الْحَدِّ مِثْلُ الْقَاذِفِ لِلْمُتَزَوِّجِ ^۹ فِي الْاءِسْلَامِ تَزْوِيجاً صَحِيحاً ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَدِّ ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ لِعِلَّةِ التَّزْوِيجِ لَا لِعِلَّةِ الْكُفْرِ وَالْاءِيمَانِ .

الْاخَرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلِذلِكَ صَارَ سِفَاحاً مَرْدُوداً ذلِكَ كُلُّهُ ، غَيْرُ جَائِزٍ الْمُقَامُ عَلَيْهِ ، وَلَا ثَابِتٍ لَهُمُ ^۱ التَّزْوِيجُ ، بَلْ يُفَرِّقُ الْاءِمَامُ بَيْنَهُمْ ، وَلَا يَكُونُ نِكَاحُهُمْ زِنًى وَلَا أَوْلَادُهُمْ ^۲ مِنْ هذَا الْوَجْهِ أَوْلَادَ زِنًى ، وَمَنْ قَذَفَ ^۳ الْمَوْلُودَ مِنْ هؤُلَاءِ الَّذِينَ وُلِدُوا مِنْ هذَا الْوَجْهِ جُلِدَ الْحَدَّ ؛ لِأَنَّهُ مَوْلُودٌ بِتَزْوِيجِ رِشْدَةٍ ^۴ وَإِنْ كَانَ مُفْسِداً لَهُ بِجِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ الْمُحَرَّمَةِ ، وَالْوَلَدُ مَنْسُوبٌ إِلَى الْأَبِ ، مَوْلُودٌ بِتَزْوِيجِ رِشْدَةٍ عَلى نِكَاحِ مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَلِ ، خَارِجٌ مِنْ ^۵ حَدِّ الزِّنى ، وَلكِنَّهُ مُعَاقَبٌ عُقُوبَةَ الْفِرْقَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الِاسْتِئْنَافِ بِمَا يَحِلُّ وَيَجُوزُ ^۶ .
فَإِنْ ^۷ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ السِّفَاحِ ـ عَلى صِحَّةِ مَعْنَى السِّفَاحِ ـ لَمْ يَأْثَمْ ، إِلَا أَنْ يَكُونَ يَعْنِي أَنَّ مَعْنَى السِّفَاحِ هُوَ الزِّنى .
وَوَجْهٌ آخَرُ مِنْ وُجُوهِ السِّفَاحِ مَنْ أَتَى امْرَأَةً ^۸ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ ، أَوْ أَتَاهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ ، أَوْ أَتَاهَا وَهِيَ فِي دَمِ حَيْضِهَا ، أَوْ أَتَاهَا ^۹ فِي حَالِ صَلَاتِهَا ، وَكَذلِكَ الَّذِي يَأْتِي الْمَمْلُوكَةَ قَبْلَ أَنْ يُوَاجِبَ صَاحِبَهَا ، وَالَّذِي يَأْتِي الْمَمْلُوكَةَ وَهِيَ حُبْلى مِنْ غَيْرِهِ ، وَالَّذِي يَأْتِي الْمَمْلُوكَةَ تُسْبى عَلى غَيْرِ وَجْهِ السِّبَا ، وَتُسْبى وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسْبَوْا ، وَمَنْ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ عَابِدَةَ وَثَنٍ ، وَكَانَ ^۱۰ التَّزْوِيجُ فِي مِلَّتِهِمْ تَزْوِيجاً صَحِيحاً إِلَا أَنَّهُ شَابَ