عدم القول بالفصل ، فإنّ كلّ من أوجب تقديم الرأس أوجب تقديم اليمين على اليسار ، وباشتمال الغسل البياني عليه ؛ متمسّكا بما روي : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان إذا اغتسل بدأ بميامنه» ۱ . وكأنّه أشار بذلك إلى ما رويناه عن عائشة ، فكونه للبيان ممنوع ، ويجوز أن يكون ذلك الترتيب منه من باب الندب والاستحباب دون الفرض والإيجاب ، على أنّه معارض بما روى في الذكرى عنها : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ـ إلى قولها ـ : ثمّ يصبّ على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثمّ يفيض الماء على جلده» ۲ .
وعن ميمونة نحوه ۳ ، وقال : «هما من الصحاح» ۴ .
وأمّا الإجماع المدّعى فممنوع ؛ فإنّ ابن الجنيد لم يوجب ذلك ـ على ما حكى عنه في الذكرى ـ إنّه قال : «ولو لم يضرب صدره وبين كتفيه بالماء إلّا أنّه أفاض ببقيّة مائه بعد الذي غسل به رأسه ولحيته ثلاثا على جسده ، وصبّ على جسده من الماء ما يعلم أنّه قد مرّ على سائر جسده أجزأه ، ونقل رجليه حتّى يعلم أنّ الماء الطاهر من النجاسة قد وصل إلى أسفلها» ۵ .
وهو ظاهر ابن أبيعقيل حيث عطف الأيسر على الأيمن بالواو .
1.. الذكرى ، ج ۲ ، ص ۲۱۸ .
2.. الذكرى ، ج ۲ ، ص ۲۱۹ . والحديث رواه مسلم في صحيحه ، ج ۱ ، ص ۱۷۶ ، باب القدر المستحبّ من الماء . . . ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج ۱ ، ص ۱۷۲ ، باب غسل الجنب ما به الأذى بشماله ، وفيهما «بيمينه» بدل «بميامنه» .
3.. الموطّأ لمالك ، ج ۱ ، ص ۴۴ ، ح ۶۷ ؛ الاُمّ للشافعي ، ج ۱ ، ص ۵۶ ؛ مسند الشافعي ، ص ۱۹ ؛ صحيح البخاري ، ج ۱ ، ص ۶۸ ، كتاب الغسل ؛ تفسير البغوي ، ج ۲ ، ص ۱۷ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۱ ، ص ۱۱۸ ، ح ۲۴۶ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۱ ، ص ۱۷۵ ، باب تخليل اُصول الشعر بالماء وإيصاله إلى البشرة ؛ معرفة السنن والآثار له أيضا ، ج ۱ ، ص ۲۶۸ ، ح ۲۷۰ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۳ ، ص ۴۶۹ .
4.. صحيح البخاري ، ج ۱ ، ص ۶۹ ، كتاب الغسل ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۱۹۰ ، ح ۵۷۳ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۱۹۱ ، باب في الغسل من الجنابة .
5.. الذكرى ، ج ۲ ، ص ۲۲۰ . وكلام ابن الجنيد هذا مختصّ بصورة قلّة الماء على ما صرّح به الشهيد في بداية نقل كلامه ؛ حيث قال : «وابن الجنيد اجتزأ مع قلّة الماء . . . وقال . . .» .