163
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

على اُخرى ، [ و ] هذا من حيث الخلقة .
وتمام الخبر الثاني : «فخيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا»۱ ، ومعناه : قيمة كلّ امرئٍ ما يُحسنه . ومن جعل أخلاقه حسنة ؛ فمنها كمعدن الذهب عزيزاً ، ومنها دون ذلك كمعدن الفضّة ، وإن كان كلّها في الحُسن سواء .
وأمّا الخبر الثالث فهو خاصّ في الذين يغلب عليهم النقص سواسيةً كأسنان ۲ الحمار ، يريد أنّ أكثر الناس أهل نقص وجهل ، فلا تؤاخ منهم إلّا أهل ۳ الفضل ، وعددهم قليل بمنزلة «الراحلة» في الإبل وهي البعير الذلول الذي يحمل ويُركب ، فاعلة بمعنى المفعولة ؛ من حيث إنّها مصدر كالعاقبة والعافية والحافية .
وروي : «تجدون الناس كالإبل المائة ليست فيها راحلة» . ۴ وهذا يدلُّ على أنّ قوله كإبل مائة على الصفة أحسن من الإضافة .
والمعنى : أنّ المرضيَّ المنتجب في عزّة وجوده كالنَّجيبة التي لا توجد في كثير من الإبل ، والتقدير : الناس مثل إبل مائة غير موجودة فيها راحلة .
وعن الأزهري : «الراحلة : البعير الذي يَرتحله الرجل جَمَلاً كان أو ناقة» . ۵
فإن قيل : هذه الأحاديث الثلاثة مختلفة تُوهِم التناقض ؛ لأنّ تشبيه الناس بأسنان المشط يفيد التماثل ونفي التفاوت وأنّهم متساوون في النسب أي : كلّهم بنو آدم ، وتشبيههم بمعادن الذهب والفضَّة يفيد وصفها ۶ بالنفاسة مع اختلافٍ ظاهر وتفاوتٍ بيِّنٍ ، وتشبيههم بقطيع من الإبل لا يكون فيهم واحدة حميدة يفيد وصفهم بغاية الرداءة .
قلنا : الجمع بينها من جهة المعنى واختلاف الأحوال ؛ وذلك أنّ تشبيههم بأسنان

1.تاريخ مدينة دمشق ، ج ۲۰ ، ص ۲۵۸ ؛ إمتاع الأسماع ، ج ۱ ، ص ۲۶۴ ؛ السيرة الحلبيّة ، ج ۲ ، ص ۶۸۶ .

2.في المخطوطة يقرأ : «كأسناسن» . ويقال للمتساويين في الرداءة: كأسنان الحمار.

3.في المخطوطة : «أفعل» ، فصحّحناه .

4.مسند أبي يعلى ، ج ۹ ، ص ۳۲۴ ، ح ۵۴۳۶ ؛ الفائق في غريب الحديث ، ص ۲۷ ؛ معجم مقاييس اللغة ، ص ۴۱ .

5.راجع : مختصر المعاني للتفتازاني ، ص ۲۵۳ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۳۰۷ .

6.كذا في المخطوطة ، والظاهر أنّ الصحيح : «وصفهم» كما يأتي في عِدله : «يفيد وصفهم بغاية الرداءة» .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
162

يَترك ما لا يعنيه ، ولا يتعرَّض لما لا تعلّق له به من خير وشرٍّ ، وتشتغل به بنفسه لا يتفرّغ من نفسه إلى غيره ؛ فالعاقل لو أغرق جميع عمره فيما يعنيه لم يتفرَّغ لما لا يعنيه . وسُئل لقمان : أيُّ عملك أوثق في نفسك؟ فقال : ترك ما لا يعنيني ۱ .

۱۳۶.النَّاسُ كَأَسْنَانِ المشْطِ . ۲

۱۳۷.النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ . ۳

۱۳۸.النَّاسُ كَإبِلٍ مَائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً وَاحِدَةَ . ۴

۱۳۹.الغِنى اليَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ . ۵

۱۴۰.رَأْسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمَانِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ . ۶

بيان الخبر الأوّل في تمامه وهو : «إنّما يتفاضلون بالعاقبة» ، أي : إنّهم متساوون في الأحكام لا يَفضل شريف على وضيع بالاُبوّة ؛ كأسنان المشط لا فضل لسنٍّ منها

1.راجع: التمهيد لإبن عبد البر، ج ۹، ص ۲۰۰ (مع اختلاف).

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۵ ، ح ۱۹۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۹۱ ؛ نزهة الناظر وتنبيه الخواطر ، ص ۳۹ ، ح ۱۲۰ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۳ ، ص ۲۴۸ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۷ ، ص ۶۲ (وفي الثلاثة الأخيرة مع الاختلاف) . الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۹ ، ح ۵۷۹۸ ؛ تحف العقول ، ص ۳۶۸ (وفيه عن الإمام عليّ عليه السلام ) ؛ دلائل الإمامة ، ص ۵۳۳ (مع اختلاف يسير في الأخيرين) .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۵ ، ح ۱۹۶ ؛ جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبرّ ، ج ۱ ، ص ۱۹ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۰ ، ص ۱۴۹ ، ح ۲۸۷۶۱ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۳۱۲ ، ح ۲۷۹۳ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۹۷ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۸۰ ، ح ۵۸۲۱ ؛ التحفة السنيّة ، ص ۴۲ .

4.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۶ ، ح ۱۹۷ و ۱۹۸ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۷ و ۱۳۹ ؛ صحيح مسلم ، ج ۷ ، ص ۱۹۲ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۳۲۱ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۲۲۹ ، ح ۳۰۳۲ . عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۱۴۹ ، ح ۹۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵۸ ، ص ۶۶ ، ح ۵۲ (عن الشهاب) .

5.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۶ ، ح ۱۹۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۵۵ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۹ ، ح ۱۰۲۳۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۰۶ ، ح ۵۸۱۱ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۱۹۲ ، ح ۶۱۲۱ . وراجع : الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۴۹ ، ح ۶ ؛ فقه الرضا عليه السلام ، ص ۳۶۷ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۴۰۱ ، ح ۱۲ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۳۲۴ .

6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۷ ، ح ۲۰۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۹ ، ص ۵ ، ح ۲۴۶۵۳ (مع اختلاف يسير فيه) ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ۳ ، ص ۵۲۱ ، ح ۲۲۴ . عيون الأخبار ، ج ۲ ، ص ۳۵ ، ح ۷۷ ؛ صحيفة الرضا عليه السلام ؛ ص ۵۳ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۲۹۱ ، ح ۱۵۶ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 192925
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي