فقال : «ما أعددتَ لها؟» قال : ما أعددت لها كثير صلاة وصوم ، إلّا أنّي اُحبّ اللّه ورسوله .
فقال عليه السلام : «المرء مع مَن أحبّ» . ۱
وسئل صلى الله عليه و آله عن الرجل يحبّ قوما هل يلحق بهم ؟ فقال : «المرء مع من أحبَّ» . ۲
وقال الحارث الهمداني لعليّ عليه السلام : إنّي اُحبّكم ، وأخافُ وقت النزع وحالة الممرّ على الصراط .
فقال : «يا حار ، لا تخف ؛ ما من أحدٍ من أوليائي وأعدائي إلّا وهو يراني في هاتين الحالتين» ، ثمّ أنشأ :
أقول للنار حين توقف للعَرضذَريه لا تَقربي الرَّجُلا
ذَريه لا تقربيه إنّ لهحبلاً بحبل الوصيِّ متّصلاً۳
ومورد الخبر الرابع ومعناه مبالغةٌ في جعل تلك الأشياء الثلاثة التي فيه أعنان ما بعدها، كأنّه قال : لا كرم إلّا الدِّين ، ولا مروءة إلّا العقل ، ولا حسب إلّا الخُلق ، والمرء إنّما يكون كريماً ۴ إذا كان ديِّناً ؛ فإنّ أصل الكرم هو الدِّين القويم ، ويكون عاقلاً قد استعمل عقله إذا كان ذو مروّة ؛ فإنّ المروّة ـ وهي الرجولية ـ يدعوه إلى أداء حقّ اللّه ومواساة الناس ؛ فيكتسب ثواب اللّه للآخرة ، ومودّةَ الخلق ومحمدتهم للدنيا ، قد حاز خير الدارين باستعماله العقل .
وأمّا حَسَبُه ـ وهو ما يُحسب ويعدّ من مفاخره أو معايبه ـ فهو على حسب خُلقه ؛ فإن ۵ كان حَسَنَ الخلق يُثنى عليه ، وإن كان سيّئ الخلق يُعاب به عليه .
ومعنى الخبر الأخير : أنّ مِن أشرف خصال المرء المسلم وأجلّها وأحسنها : أن
1.علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، ح ۲ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۳۱۲ ، ح ۸۲ ؛ المناقب ، ج ۲، ص ۱۲۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۳۹۲ ؛ و ج ۳ ، ص ۱۰۴ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۲۱ .
2.راجع : تاريخ بغداد ، ج ۱۳ ، ص ۸۶ ؛ تفسير البغوي ، ج ۱ ، ص ۴۵۰ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ۲ ، ص ۱۹۹ .
3.راجع : الأمالي للطوسي ، ص ۶۲۷ ، ح ۵ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۷ ، ح ۳ ؛ المناقب ، ج ۳ ، ص ۳۴ ، مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۰۴ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۴۳ .
4.في المخطوطة : «كرما» .
5.في المخطوطة : «وإن» ، والظاهر أنه تصحيف .