125
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

والثاني : أنّه أراد : في إشباع كلِّ كبدٍ جائعة وإرواء كلّ كبدٍ عطشى أجرٌ على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه .
والمراد بالأجر في هذا الوجه : الثواب ، وهو حقيقة في الثواب ، وإنّما قال حَرَّى على فَعلى التي هي للمؤنّث؛ لأنّ الكبد مؤنّث ، يقال : رجل غرثان وعطشان ، وامرأة غرثى وعطشى . والعرب تعبّر بالكبد عن القلب ، ومفهوم الخبر : من أتى معروفاً مع كلّ مَن كان ، ينال أجراً جزيلاً من اللّه .
وكان في بني إسرائيل رجلٌ عاصٍ ، فمرّ على بئر ، وإذا كلبٌ قد لهث من العطش ، فأخذ عمامته وشدّ على خفّه ، وأسقى به الماء وأرواه ، فأوحى اللّه إلى نبيّ ذلك الزمان : «إنّي شكرت سعي فلان ؛ لشفقته على خلق من خلقي ، فسمع الرجلُ ذلك وتاب من المعاصي ، وصار ذلك سبباً لتوبته» . ۱ ومن أبين علامات الإيمان الشفقة على خلق اللّه .

۸۴.العُلَمَاءُ اُمَنَاءُ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ . ۲

يقول : إنّ اللّه ائتمن العالمين على أمانته التي هي الحلال والحرام والفرائض والأحكام ليُفْتوا للخلق بالأمانة والحقِّ فيما بينهم وبين اللّه بما عَلِموه وتحقَّقوه بآيةٍ محكمة أو سنّةٍ مقطوع بها .
ومعنى الخبر في تمامه وهو «[العلماء اُمناء الرسل] ما لم يخالطوا السلطان»۳
، ۴ يعني : إذا خالطوا السلطان فقد خرجوا من الأمانة إلى الخيانة .
وقيل : هذه الأمانة عبارة عن الشرائع والأحكام دون المعقولات والعلوم العقلية .

1.لم نعثر على الخبر في المجامع الروائية، ولكن ورد في ضوء الشهاب (المخطوط).

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ ، ح ۱۱۵ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۱۴ ، ص ۲۶۷ ، ح ۱۵۷۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۹۰ ، ح ۵۷۰۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۴ ، ح ۲۸۶۷۵ . وراجع : الكافي ، ج ۱ ، ص ۳۳ ، ح ۵ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۶۰ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۲۸۷ ، ح ۱۱ .

3.في المخطوطة : «الشيطان» ، وكذا المورد الآتي .

4.الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۹۰ ، ح ۵۷۰۱ ؛ كنزالعمّال، ج ۱۰ ، ص ۱۸۳ ، ح ۲۸۹۵۲ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
124

وتحقيقه: أنّ جزاء الظلم يكون ظلمات يوم القيامة ، وإنّما جُمِع الظلمات لأنّ الظُّلمة يكون مشتملة عليه في الموقف وعلى الصراط [ و ] في دركات النار ؛ فقد جاء في الأخبار: أنّ نار جهنّم أسود، وقد طابق في اللفظ بين الظلمة والظلم ، وقيل : أقلُّ الظُّلمة في اُمّة محمّد قول أحدُهْم الآخر : تَنَحَّ عن الطريق .

۸۲.كَثْرَةُ الضِّحْكِ تُميتُ القَلْبَ . ۱

معناه : لا تفعلوا الأفعال المُضحكة ، ولا تَضحكوا في غير اُعجوبة ساهين لاهين فتكونوا كأن لا قلوب لكم ، ومن كان ضحكه كثيراً يغفل عن الحقّ ، وعلامة موت القلب غفلته ، وعلامة حياته شهوده ، و«الضحك» : تَفَتُّحٌ يظهر في الوجه لمَسَرَّةٍ في القلب ولحدوث عَجَبٍ ، وهو في الحقيقة لا يكون من فعلنا ، وكذلك البكاء ، وكذلك من فعل اللّه فينا على سبيل العادة عند أسباب يفعلها وأحوال منّا يقتضيها في أكثر الأحوال ، وربما يحصلان من غير دواعينا . وموت القلب إنّه يَحصل غافلاً ساهياً عمّا يجب عليه التفكُّر فيه ، فإذا صار القلب بحيث لا ينتفع به فهو كالميّت ، ومثله قوله : « إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى »۲ .

۸۳.فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ . ۳

للخبر معنيان :
أحدهما : أنّ في كلّ قلب حزين بالمصيبة والمَساءة أجراً وعوضاً مستحَقّاً على الآلام التي أصابته والمصيبات ، وسُمّي العوض أجراً على سبيل التوسّع .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۹۸ ، ح ۱۱۱ ؛ تهذيب الكمال ، ج ۲۷ ، ص ۲۷۹ ، ح ۵۸۰۳ (مع اختلاف يسير) ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۵ ، ص ۳۳۵ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۶۴ ، ح ۶ ؛ عدّة الداعي ، ص ۱۵۵ ؛ أعلام الدين ، ص ۲۷۶ (مع اختلاف يسير في الأخيرين) ؛ مجموعة ورّام ، ج ۱ ، ص ۵ .

2.نمل (۲۷): ۸۰ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۹۸ و ۹۹ ، ح ۱۱۲ ـ ۱۱۴ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۲۱۵ ، ح ۳۶۸۶ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۳ ، ص ۱۳۷ ، ح ۱۵۶۸ ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۲ ، ص ۳۰ ، ح ۵۴۱ . عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۹۵ ، ح ۳ ؛ وفيه ، ج ۲ ، ص ۲۶۰ ، ح ۱۵ ؛ و ج ۳ ، ص ۷۱ ، ح ۳۲ (مع اختلاف يسير) ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۱ ، ص ۳۷۰ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 216428
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي