أحدهما : أنّه إذا نظر إلى أخيه المؤمن يرى منه نفسه ؛ يفرح بفرحه ، ويحزن بحزنه ؛ كمن ينظر في المرآة يرى نفسه فيظنّ به من الخير ما يظنّ بنفسه ، ويريد به الخير والنفع ما يريد بنفسه ، ويكون مشفقاً عليه يكفُّه أن تقع في هلكةٍ ، وهذا معنىً لطيف .
والوجه الآخر : أنّ الرجُل إذا نظر إلى أخيه المؤمن فرأى عليه شيئاً يعاب به يُعْلِمه ذلك ليغيّره ويزيله ـ كما أنّه إذا رأى نقطةَ سوادٍ وتشويشَ عمامةٍ في المرآة أصلحه ـ ويعينه على ما فيه حظُّه من أمر آخرته ودنياه .
۹۳.المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ . ۱
يريد : من حقّ المؤمن أن يرضى لأخيه المؤمن ما يرضى لنفسه ، ويَكره [له ما يَكره] لنفسه ، [و] يعينه على ما فيه حظُّ آخرته ودنياه .
وفي خبر آخر : «المؤمن أخ المؤمن من أبيه واُمّه ، إن جاع أطعمه ، وإن عرى كساه ، وإن خاف آمنه ، وإن مرض عاده ، وإن مات شيّع جنازته ، واُخوّته في الدِّين آكد من اُخوّة النسب» . ۲
وكان عليّ عليه السلام يحبّ عقيلاً في حال صغره أشدَّ حبٍّ ، فلمّا عَرَضَ عليه الإسلام وأبى جَرَّدَ عليٌّ سيفه ، فقال عقيل : إنّك لقاتلي؟ قال : «نعم ، إن۳لم تؤمن» ، فأسلم عقيل وقال : تأمَّلت في جِدّك في قتلي لامتناعي من الإسلام مع فرط محبّتك لي ، فعلمت أنّه لو لم يكن هذا الدِّين حقّاً لما قَتَلَ مثلُك أخاً مثلي . فصار هذا سبب إسلامي ، فاعتنقه عليٌّ وقال : «أنت الآن أخي ؛ لأنّ الاُخوّة اُخوّة الدِّين ، لا اُخوّة النسب» . ۴
1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۶ ، ح ۱۲۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۴ ، ص ۱۳۹ ؛ السنن الكبرى ، ج ۵ ، ص ۳۴۶ ؛ و ج ۷ ، ص ۱۸۰ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۷ ، ص ۳۱۶ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۶۶ ، ح ۳ و ۷ (عن الإمام الباقر عليه السلام ) ؛ و ج ۴ و ۸ (عن الإمام الصادق عليه السلام ) ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۳۴ ، ح ۱۱ و ۱۲ (عن الإمام الباقر عليه السلام ) ؛ الاختصاص ، ص ۲۷ (عن الإمام الصادق عليه السلام ) .
2.راجع : تحف العقول ، ص ۲۹۶ ؛ عدّة الداعي ، ص ۱۸۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۷۵ ، ح ۱۱ .
3.في المخطوطة: «وإن».
4.لم نعثر عليه في المجاميع الروائية ولكن ورد في ضوء الشهاب (المخطوط) مع اختلاف.