133
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

«فطن لكذا» إذا أدركه وعلمه ، فهما علمان مستطرفان ، ولذلك لا تجريان على اللّه .
و«الحذِر» : من كان الحَذَر عادته وخُلقه ، والحاذر : من أحدث حذراً ۱ وإن لم يكن من أخلاقه ، ومثله فاكِهٌ وفَكِهُ ، وجازعٌ وجزِعٌ ، وقانعٌ وقنِعٌ .
أي : المؤمن يتفكّر ويعلم ما يحتاج إليه في دينه ودنياه ، ويَحذر ممّا يوبقه . وسُئل عن معنى الكيِّس الفطن الحذر ؟ يقال ۲ : مَن يَهدم دنياه فيبني بها آخرته ، ولا يهدم آخرته فيبني بها دُنياه .

۹۶.المُؤْمِنُ إِلْفٌ مَألُوفٌ . ۳

هذا حثٌّ على حُسن الخلق ؛ فإنّ المؤمن يحبّ الناس في اللّه ويحبّونه ، يعني : إنّ المؤمن مِن أخلاقه الكريمة أن يَألف كلَّ أحدٍ ويُستأنس به ، ويؤلّف الناس ولا ينفّرهم بغلظة طبعه وفظاظة خُلقه كما كان عليه السلام ، وهذه من نعم اللّه على عبد يكون بهذه الصفة ، ومن كان كذلك كان محبوباً إلى الناس .

۹۷.المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ . ۴

يعني : إنّ المؤمن مؤتمَنٌ يأمنه الناس ، [و هم] يعلمون أنّه لا يقصدهم بسوء ولا غائلة في أنفسهم ، فلا يَستحلّ أموالهم ولا يأخذها إلّا بحقّها ، فهو مأمون الجانب . ودعا عليٌّ عليه السلام غلامه فأبطأ عليه ، فقام إليه وقال : «أما سمعت ندائي؟!» قال : نعم إلّا أنِّي

1.اُنظر : العين ، ج ۳ ، ص ۱۹۹ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ (حذر) .

2.كذا في المخطوطة .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۸ ، ح ۱۲۹ ؛ تاريخ مدينه دمشق ، ج ۸ ، ص ۴۰۴ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۳ ، ص ۲۴۸ ؛ فيض القدير ، ج ۶ ، ص ۳۲۹ ، ح ۹۱۴۶ . بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۳۰۹ ، ح ۴۱ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۸ ، ص ۴۵۰ ، ح ۲ ؛ معارج اليقين في اُصول الدين للسبزواري ، ص ۲۱۷ ، ح ۵۳۹ (في الثلاثة الأخيرة عن مسند الشهاب) .

4.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۹ ، ح ۱۳۰ ـ ۱۳۲ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۲۱ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۲۹۸ ، ح ۳۹۳۴ (في الجميع : «على أموالهم وأنفسهم») . بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۳۰۹ ، ح ۴۲ (عن مسند الشهاب) ؛ الغدير ، ج ۱۰ ، ص ۳۵۵ ، ح ۱ (وفيه : «دمائهم» بدل «أنفسهم») .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
132

۹۴.المُؤْمِنُ يَسِيرُ المَؤُونَةِ . ۱

هذا أمر بأنّ يُزجي كلُّ مؤمنٍ أيّامه بالقناعة ؛ فإنّما يكفيه بُلغةٌ من العيش ، وإنّ المؤمن الحقيقي إذا علم أنّ ما آتاه اللّه من الرزق هو أصلح له في الدِّين قنع بذلك ورضي به ، ولا يتكلّف طلب ما يكون وبالاً عليه في الآخرة ومشقّة في الدُّنيا ؛ ألا ترى إلى أمير المؤمنين عليه السلام يقول : «وإنّ إمامكم قد اكتفى من الدُّنيا بطِمرَيه ، ومن طعمه بقُرصيه ، ولو شئتُ للبستُ العبقريَّ من ديباجكم ، ولأكلتُ لباب البُرِّ بصدور دجاجكم ، وما لعليٍّ وللدنيا وقد سمع اللّه يقول :« تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَ الْعَـقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ »۲» . ۳
وكان يصوم مُعظَمَ نهاره ، ويُفطر على قدرٍ من سَويق ويقول : «حسبي من الطعام ما يقيم ظهري ، ولا يمنعني من عبادة ربّي» . ۴

۹۵.المُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ . ۵

يأمر بهذه الخصال الثلاث ؛ فإنّ حِلية المؤمن أن يكون حاذقاً في اُمور الدُّنيا ، عالماً بموجبات الفرائض ، حذِراً عن آفات الدُّنيا والآخرة . و«الكياسة» : عِلمٌ مستخرج بالفكر ، ويستعمل أيضاً في علومٍ يَخلقها اللّه عند الممارسة والمدارسة ، كالعلم بالصنائع والحفظ . وأمّا «الفطنة» : فهي أيضاً علم واقع على وجه، يُقال :

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۷ ، ح ۱۲۷ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۲ ، ص ۴۱۱ ، ح ۹۲۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۶۱ ، ح ۹۱۵۳ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱ ، ص ۱۴۲ ، ح ۶۸۵ ؛ الرواشح السماوية ، ص ۲۸۵ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۳۰۷ ، ح ۳۹ (عن الشهاب) ؛ معارج اليقين في اُصول الدين للشيخ محمّد السبزواري ، ص ۲۱۶ ، ح ۵۳۷ .

2.القصص (۲۸) : ۸۳ .

3.نهج البلاغة ، ج ۳ ، ص ۷۰ ، الكتابة ۴۵ ؛ الخرائج والجرائح ، ج ۲ ، ص ۵۴۲ ، ح ۲ ؛ المناقب ، ج ۱ ، ص ۳۶۹ ؛ مختصر بصائر الدرجات ، ص ۱۵۴ (مع اختلاف في كلّها) .

4.لم نعثر عليه في المجاميع الروائية ولكن ورد في ضوء الشهاب (المخطوط).

5.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۷ ، ح ۱۲۸ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۲۱۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۲۲ ، ح ۹۱۵۸ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱ ، ص ۱۴۳ ، ح ۶۸۹ ؛ و ص ۱۶۲ ، ح ۸۱۲ . الدعوات ، ص ۳۹ ، ح ۹۴ ؛ عيون الحكم والمواعظ ، ص ۳۰ (وفيه : «عاقل» بدل «فطن حذر») ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۳۰۷ ، ح ۴۰ (عن الشهاب) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 216232
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي