2 . تقديم الحوادث التأريخيّة الصحيحة عن واقعة عاشوراء و تحليلها موضوعيّا
إذا لم يتمّ التحليل الموضوعي لنهضة عاشوراء، فإنّه لا يمكن التعرّف على الأهداف السامية للعزاء والسير في طريقها، ولذلك يجب على الخطباء وقرّاء المراثي في مجالس عزاء سيّد الشهداء أن ينظّموا محاضراتهم ومراثيهم على أساس التحليل الصحيح لحادثة عاشوراء، ولهذا فإنّ من الضروري الاستناد إلى المصادر المعتبرة في بيان هذه الحادثة، وتجنّب آفات مجالس العزاء والتي تقدّم الحديث عنها مفصّلاً . والطريقُ الأفضلُ لتحقيق هذا الهدف هو قراءة نصّ المقتل من المصادر المعتبرة .
وما ذكره قائد الثورة الإسلامية آية اللّه الخامنئي في هذا المجال جدير بالالتفات :
إذا قرأتم من كتاب نفس المهموم للمحدّث القمّي من أجل ذكر المصيبة ، فإنّه سيثير عواطف السامع ويُسيل دموعَه ، فلماذا نقوم بممارسات تُخرج أصل مجلس العزاء عن فلسفته الحقيقية من أجل أن نزيّن بها هذا المجلس على حدّ زعمنا؟! ۱
وهكذا فإن كانت قراءة المراثي على سيّد الشهداء مقترنة بالإخلاص والصدق، فستكون قَيّمةً للغاية، وإذا كان الهدف مجرّد تزيين المجلس وتحقيق المآرب الدنيوية فسيكون عملاً مضرّاً وخطيراً للغاية . ۲
1.كلمة سماحته بين جمع من العلماء ورجال الدين من محافظة «كهكيلويه وبويرأحمد» على أعتاب محرّم (۱۷ / ۳ / ۱۳۷۰ هـ . ش) .
2.في هذا المجال نقل أحد مراجع التقليد المعاصرين رؤيا صادقة ومعبّرة عن اُستاذه الفقيه الكبير آية اللّه السيّد عبد الهادي الشيرازي رضى الله عنه، هذه خلاصتها:
عندما بلغ خبر وفاة السيّد جعفر الشيرازي (شقيق زوجة آية اللّه السيّد عبدالهادي الشيرازي، ويبدو أنّه كان قد قدم إلى طهران في أواخر عمره للعلاج ثمّ التحق بالرفيق الأعلى، وقبره في حرم السيّدعبدالعظيم الحسني، قرب قبر أبي الفتوح الرازي)، كنتُ إلى جانب الاُستاذ، فقرّب المرحوم آية اللّه الشيرازي رأسه من اُذني وقال: سأذكرُ لك قصّةً حول السيّد جعفر لم اُخبر بها أحداً في حياته، وسأقولها الآن بعد وفاته:
رأيت في إحدى الليالي في الرؤيا وكأنّ كرسيّين وضعا في البرّاني (وهو الموضع المعدّ لاستقبال الضيوف والمراجعين والموضع الذي كنت اُدرّس فيه)، ثمّ دخل سيّد الشهداء والعبّاس عليهماالسلاموجلسا على هذين الكرسيّين، ففتح العبّاس دفتراً وكنت أرى ما كُتب فيه، ثمّ أشار سيّد الشهداء إلى أحد الأسماء التي كانت في الدفتر وقال: امسح هذا الاسم! فمسح العبّاسُ ذلك الاسم، ثمّ قال : اكتب اسم السيّد جعفر بدلاً منه! فكتب العبّاس اسمه وأغلق الدفتر وذهبا.
قال آية اللّه الشيرازي رحمه الله : لم أنم حتّى الصباح بسبب عظمة الرؤيا، وفي غد ذلك اليوم وعندما جاء السيّد جعفر، قلت له: لقد رأيت البارحة رؤيا ولعظمتها لم أستطع النوم حتّى الصباح ، فقال : أنبئني بالأمر بسرعة، فذكرتها له .
فعندما سمع السيّد جعفر ذلك تغيّر حالُه وقال: واقع الأمر هو أنّني كنت البارحة في المشهد الشريف (وهي الليلة الاُولى من محرّم) فخطر على بالي أنّني بكيت على الإمام الحسين عليه السلام طيلة أيّام حياتي ولكنّني لم أبك أحداً ولم اُوفّق للحصول على هذا الأجر ، وقد شغل هذا الموضوع فكري، فذهبت وبحثت عن كتاب جلاء العيون للمجلسي، وعُدتُ إلى المنزل وجمعت عيالي وقلت: سأقرأ لكم مصائب أبي عبداللّه من الليلة وعليكم البكاء». وأضاف الاُستاذ بعد نقل هذه الرؤيا: أنّ رؤيا آية اللّه الشيرازي كانت في الليلة الاُولى من محرّم ، وكان المجلس الأوّل للسيّد جعفر في تلك الليلة أيضا ، وأنا أزور قبره كلّما أجيء لزيارة السيّد عبد العظيم الحسني .