205
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6

۲۷۸۰.كامل الزيارات عن مسمع بن عبد الملك كردين البصري :قالَ لي أبو عَبدِ اللّه ِ عليه السلام : يا مِسمَعُ ، أنتَ مِن أهلِ العِراقِ ، أما تَأتي قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام ؟ قُلتُ : لا ، أنَا رَجُلٌ مَشهورٌ عِندَ أهلِ البَصرَةِ ، وعِندَنا مَن يَتبَعُ هَوى هذَا الخَليفَةِ ، وعَدُوُّنا كَثيرٌ مِن أهلِ القَبائِلِ مِنَ النُّصّابِ وغَيرِهِم ، ولَستُ آمَنُهُم أن يَرفَعوا حالي عِندَ وَلَدِ سُلَيمانَ ، فَيُمَثِّلونَ بي .
قالَ لي : أفَما تَذكُرُ ما صُنِعَ بِهِ؟ قُلتُ : نَعَم ، قالَ : فَتَجزَعُ ؟ قُلتُ : إي وَاللّه ِ ، وأستَعبِرُ ۱ لِذلِكَ حَتّى يَرى أهلي أثَرَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَأَمتَنِعُ مِنَ الطَّعامِ حَتّى يَستَبينَ ذلِكَ في وَجهي .
قالَ : رَحِمَ اللّه ُ دَمعَتَكَ ، أما أنَّكَ مِنَ الَّذينَ يُعَدّونَ مِن أهلِ الجَزَعِ لَنا ، وَالَّذينَ يَفرَحونَ لِفَرَحِنا ، ويَحزَنونَ لِحُزنِنا ، ويَخافونَ لِخَوفِنا ، ويَأمَنونَ إذا آمَنّا ، أما أنَّكَ سَتَرى عِندَ مَوتِكَ حُضورَ آبائي لَكَ ، ووَصِيَّتَهُم مَلَكَ المَوتِ بِكَ ، وما يَلقَونَكَ بِهِ مِنَ البِشارَةِ أفضَلُ ، ومَلَكُ المَوتِ أرَقُّ عَلَيكَ وأشَدُّ رَحمَةً لَكَ مِنَ الاُمِّ الشَّفيقَةِ عَلى وَلَدِها .
قالَ : ثُمَّ استَعبَرَ وَاستَعبَرتُ مَعَهُ .
فَقالَ : الحَمدُ للّه ِِ الَّذي فَضَّلَنا عَلى خَلقِهِ بِالرَّحمَةِ ، وخَصَّنا أهلَ البَيتِ بِالرَّحمَةِ .
يا مِسمَعُ ! إنَّ الأَرضَ وَالسَّماءَ لَتَبكي مُنذُ قُتِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام رَحمَةً لَنا ، وما بَكى لَنا مِنَ المَلائِكَةِ أكثَرُ ، وما رَقَأَت ۲ دُموعُ المَلائِكَةِ مُنذُ قُتِلنا ، وما بَكى أحَدٌ رَحمَةً لَنا ولِما لَقينا ، إلّا رَحِمَهُ اللّه ُ قَبلَ أن تَخرُجَ الدَّمعَةُ مِن عَينِهِ ، فَإِذا سالَت دُموعُهُ عَلى خَدِّهِ ، فَلَو أنَّ قَطرَةً مِن دُموعِهِ سَقَطَت في جَهَنَّمَ لَأَطفَأَت حَرَّها حَتّى لا يوجَدُ لَها حَرٌّ ، وإنَّ الموجَعَ قَلبُهُ لَنا لَيَفرَحُ يَومَ يَرانا عِندَ مَوتِهِ ، فَرحَةً لا تَزالُ تِلكَ الفَرحَةُ في قَلبِهِ حَتّى يَرِدَ عَلَينَا الحَوضَ ، وإنَّ الكَوثَرَ لَيَفرَحُ بِمُحِبِّنا إذا وَرَدَ عَلَيهِ ، حَتّى أنَّهُ لَيُذيقُهُ مِن ضُروبِ الطَّعامِ ما لا يَشتَهي أن يَصدُرَ عَنهُ .
يا مِسمَعُ ! مَن شَرِبَ مِنهُ شَربَةً لَم يَظمَأ بَعدَها أبَدا ، ولَم يَستَقِ بَعدَها أبَدا ، وهُوَ في بردِ الكافورِ ، وريحِ المِسكِ ، وطَعمِ الزَّنجَبيلِ ، أحلى مِنَ العَسَلِ ، وأليَنُ مِنَ الزَّبَدِ ، وأصفى مِنَ الدَّمعِ ، وأذكى مِنَ العَنبَرِ ، يَخرُجُ مِن تَسنيمٍ ۳ ، ويَمُرُّ بِأَنهارِ الجِنانِ ، يَجري عَلى رَضراضِ ۴ الدُّرِّ وَالياقوتِ ، فيهِ مِنَ القُدحانِ أكثَرُ مِن عَدَدِ نُجومِ السَّماءِ ، يوجَدُ ريحُهُ مِن مَسيرَةِ ألفِ عامٍ ، قُدحانُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وألوانِ الجَوهَرِ ، يَفوحُ في وَجهِ الشّارِبِ مِنهُ كُلُّ فائِحَةٍ حَتّى يَقولَ الشّارِبُ مِنهُ : يا لَيتَني تُرِكتُ هاهُنا لا أبغي بِهذا بَدَلاً ، ولا عَنهُ تَحويلاً .
أما إنَّكَ ـ يا كِردينُ ـ مِمَّن تَروى مِنهُ ، وما مِن عَينٍ بَكَت لَنا إلّا نُعِّمَت بِالنَّظَرِ إلَى الكَوثَرِ ، وسُقِيَت مِنهُ مَن أحَبَّنا ، وإنَّ الشّارِبَ مِنهُ لَيُعطى مِنَ اللَّذَّةِ وَالطَّعمِ وَالشَّهوَةِ لَهُ أكثَرَ مِمّا يُعطاهُ مَن هُوَ دونَهُ في حُبِّنا ، وإنَّ عَلَى الكَوثَرِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وفي يَدِهِ عَصاً مِن عَوسَجٍ ۵ ، يُحَطِّمُ بِها أعداءَنا، فَيَقولُ الرَّجُلُ مِنهُم : إنّي أشهَدُ الشَّهادَتَينِ ، فَيَقولُ : اِنطَلِق إلى إمامِكَ فُلانٍ فَاسأَلهُ أن يَشفَعَ لَكَ ، فَيَقولُ : يَتَبَرَّأُ مِنّي إمامِيَ الَّذي تَذكُرُهُ ، فَيقولُ : اِرجِع إلى وَرائِكَ فَقُل لِلَّذي كُنتَ تَتَوَلّاهُ وتُقَدِّمُهُ عَلَى الخَلقِ ، فَاسأَلهُ إذا كاَنَ خَيرَ الخَلقِ عِندَكَ أن يَشفَعَ لَكَ ، فَإِنَّ خَيرَ الخَلقِ حَقيقٌ أن لا يُرَدَّ إذا شُفِّعَ ، فَيَقولُ : إنّي أهلِكُ عَطَشا ، فَيَقولُ لَهُ : زادَكَ اللّه ُ ظَمَأً ، وزادَكَ اللّه ُ عَطَشا .
قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ! وكَيفَ يَقدِرُ عَلَى الدُّنُوِّ مِنَ الحَوضِ ولَم يَقدِر عَلَيهِ غَيرُهُ ؟ فَقالَ : وَرِعَ عَن أشياءَ قَبيحَةٍ ، وكَفَّ عَن شَتمِنا أهلَ البَيتِ إذا ذَكَرَنا ، وتَرَكَ أشياءَ اجتَرى عَلَيها غَيرُهُ ، ولَيسَ ذلِكَ لِحُبِّنا ولا لِهَوىً مِنهُ لَنا ، ولكِن ذلِكَ لِشِدَّةِ اجتِهادِهِ في عِبادَتِهِ وتَدَيُّنِهِ ، ولِما قَد شُغِلَ نَفسُهُ بِهِ عَن ذِكرِ النّاسِ ، فَأَمّا قَلبُهُ فَمُنافِقٌ ، ودينُهُ النَّصبُ بِاتِّباعِ أهلِ النَّصبِ ووِلايَةِ الماضينَ . ۶

1.اسْتَعْبَرَ : هو استفعل من العَبْرَة ؛ وهي تحلّب الدمع (النهاية : ج ۳ ص ۱۷۱ «عبر») .

2.رَقَأ الدّمْعُ : سَكَنَ (الصحاح : ج ۱ ص ۵۳ «رقأ») .

3.تَسْنيم : قيل : عين في الجنّة رفيعة القدر (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۲۹ «سنم»).

4.الرَّضْراضُ : الحَصَى الصغار (النهاية : ج ۲ ص ۲۲۹ «رضرض») .

5.العَوْسَجُ : شجر من شجر الشوك . . . يصلب عوده (تاج العروس : ج ۳ ص ۴۳۳ «عسج») .

6.كامل الزيارات : ص ۲۰۳ ح ۲۹۱ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۸۹ ح ۳۱ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
204

۲۷۷۶.ثواب الأعمال عن أبي هارون المكفوف عن أبي عبد اللّه [الصادق] عليه السلام :مَن ذُكِرَ الحُسَينُ عليه السلام عِندَهُ ، فَخَرَجَ مِن عَينَيهِ مِقدارُ جَناحِ ذُبابَةٍ ، كانَ ثَوابُهُ عَلَى اللّه ِ عَزَّ وجَلَّ ، ولَم يَرضَ لَهُ بِدونِ الجَنَّةِ . ۱

۲۷۷۷.كامل الزيارات عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه [الصادق] عليه السلام :إنَّ البُكاءَ وَالجَزَعَ مَكروهٌ لِلعَبدِ في كُلِّ ما جَزِعَ ، ما خَلَا البُكاءَ وَالجَزَعَ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام فَإِنَّهُ فيهِ مَأجورٌ. ۲

۲۷۷۸.الأمالي للطوسي عن مُحَمَّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه جعفر بن مُحَمَّد [الصادق] عليه السلام :إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام عِندَ رَبِّهِ عَزِّ وجَلَّ ، يَنظُرُ إلى مَوضِعِ مُعَسكَرِهِ ، ومَن حَلَّهُ مِنَ الشُّهَداءِ مَعَهُ ، ويَنظُرُ إلى زُوّارِهِ ، وهُوَ أعرَفُ بِحالِهِم ، وبِأَسمائِهِم وأسماءِ آبائِهِم ، وبِدَرَجاتِهِم ومَنزِلَتِهِم عِندَ اللّه ِ عَزَّ وجَلَّ مِن أحَدِكُم بِوَلَدِهِ ، وإنَّهُ لَيَرى مَن يَبكيهِ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ ، ويَسأَلُ آباءَهُ عليهم السلام أن يَستَغفِروا لَهُ .
ويَقولُ : لَو يَعلَمُ زائِري ما أعَدَّ اللّه ُ لَهُ لَكانَ فَرَحُهُ أكثَرَ مِن جَزَعِهِ، ۳ وإنَّ زائِرَهُ لَيَنقَلِبُ وما عَلَيهِ مِن ذَنبٍ. ۴

۲۷۷۹.كامل الزيارات عن عبد اللّه بن بكير الأرجاني عن أبي عبد اللّه [الصادق] عليه السلام :إنَّهُ [أيِ الحُسَينَ عليه السلام ]لَيَنظُرُ إلى زُوّارِهِ ، وهُوَ أعرَفُ بِهِم ، وبِأَسماءِ آبائِهِم وبِدَرَجاتِهِم ، وبِمَنزِلَتِهِم عِندَ اللّه ِ مِن أحَدِكُم بِوَلَدِهِ وما في رَحلِهِ ۵ ، وإنَّهُ لَيَرى مَن يَبكيهِ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ رَحمَةً لَهُ ، ويَسأَلُ أباهُ الاِستِغفارَ لَهُ .
ويَقولُ : لَو تَعلَمُ أيُّهَا الباكي ما اُعِدَّ لَكَ لَفَرِحتَ أكثَرَ مِمّا جَزِعتَ ، فَيَستَغفِرُ لَهُ كُلُّ مَن سَمِعَ بُكاءَهُ مِنَ المَلائِكَةِ فِي السَّماءِ وفِي الحائِرِ ۶ ، ويَنقَلِبُ وما عَلَيهِ مِن ذَنبٍ. ۷

1.ثواب الأعمال : ص ۱۰۹ ح ۱ ، كامل الزيارات : ص ۲۰۲ ح ۲۸۷ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۸۸ ح ۲۸ .

2.كامل الزيارات : ص ۲۰۱ ح ۲۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۹۱ ح ۳۲ .

3.الجَزَعُ : الحُزْنُ والخوف (النهاية : ج ۱ ص ۲۶۹ «جزع») .

4.الأمالي للطوسي : ص ۵۵ ح ۷۴ ، بشارة المصطفى : ص ۷۸ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۸۱ ح ۱۳ .

5.الرِّحال : جمع رَحْل يعني الدور والمساكن والمنازل (النهاية : ج ۲ ص ۲۰۹ «رحل») .

6.الحَائرُ : يُراد به حائر الحسين عليه السلام ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرّفه السلام (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۷۹ «حير») .

7.كامل الزيارات : ص ۵۴۴ ح ۸۳۰ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۳۷۶ ح ۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 235263
الصفحه من 430
طباعه  ارسل الي