السير التاريخي لمراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام ^۱

حادثة كربلاء وقضيّة ثورة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام الدمويّة والعجيبة ، والتي وقعت في الأيّام الاُولى من عام 61 ه ـ بعد نصف قرن من رحيل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ هزّت ضميرَ الاُمّة الإسلاميّة آنذاك ، وأوقعتها في حيرة وحزن عميقين، بحيث سُمّي ذلك العام استناداً إلى بعض المصادر التاريخية «عام الحزن» . ^۲
ويدلّ اهتمام أئمّة الدين بهذه الحادثة والتأكيد على إحيائها، عن طريق رواية كيفيتها، وإقامة مجالس العزاء لها ، حتّى أنّ الأحاديث التي وصلتنا عن النبيّ صلى الله عليه و آله ^۳ والإمام عليّ عليه السلام ، ^۴ تبيّن بكاءهما على هذه الحادثة قبل وقوعها ، كلّ ذلك وغيره يدلّ على أنّ هذه الحادثة تتجاوز حدود «المصيبة» أو «المأساة» أو «الحادثة المحزنة»، كي يبقى العزاء والرثاء والحزن بسببها في نطاق إنشاد التعازي والمراثي العاديّة والمتداولة.
ولا شكّ في أنّ الحضّ على العزاء ، والتشجيع على إقامة شعائر الحداد لأبي عبد اللّه الحسين عليه السلام ، والبكاء والعويل على سيّد الشهداء وأصحابه والحزن عليهم ، أسمى وأعمق بكثير من مجرّد تذكّر حادثة محزنة ، والرثاء حين فقدان الأعزّاء ، وإن كانوا أعزّاء للغاية .
وما سنقرّره هنا هو المسيرة التاريخية لشعائر العزاء هذه، مستندين في ذلك إلى المصادر والمستندات الكثيرة، كي نبرز من جهةٍ حقيقة هذه الحادثة، ونجيب من جهةٍ اُخرى على السؤال أو الاستفسار المطروح في السطور السابقة .