القرن الثامن
في هذا القرن خطا غازان خان ـ الذي بدأت حكومتُه في سنة 694 هـ ـ بعضَ الخطوات لنشر المذهب الشيعيّ . وتولّى الحكم من بعده أخوه السلطان محمّد خدا بنده الذي تشيّع بعد فترة ، وبذل جهوداً كبيرة من أجل نشر التشيّع وجعله مذهباً رسميّاً . وهكذا، اتّسعت أرضيّة الممارسة العلنيّة للعزاء ورفع الشعائر الشيعيّة مع تشيّع الحكّام المغول واكتساب هذا المذهب الطابع الرسمي .
كما كانت سلالة الجلائريّين التي تولّت الحكم في العراق ـ وكانوا أبناء اُخت السلطان محمّد خدابنده ـ هي الاُخرى ذات ميول شيعيّة، واستمرّ حكمهم حتّى عام 814 هـ . ق . ويذكر ابن بطّوطة (ت 779 هـ . ق) المناطق التالية: كربلاء ، الحلّة، البحرين، قم، كاشان، ساوة وطوس باعتبارها مناطق شيعيّة متعصّبة . ۱
وفي هذا القرن انتشر التشيّع في خراسان أيضاً، خاصّة في حوالي بيهق (سبزوار) حتّى أنّ الخواجه عليّ المؤيّد (ت 737 هـ . ق) أحد الحكّام السربداريّة ، طلب من الشهيد الأوّل الذي كان في الشام أن يرحل إلى خراسان لسدّ احتياجاتهم العلميّة والفقهيّة ، فألّف هذا العالم الجليل كتاب اللُّمعة الدمشقية وبعثه إليه. ويمكننا أن نتوصّل من خلال مواقف ابن تيميّة ۲ (ت 728 هـ . ق) وتلميذه ابن كثير (ت 774 هـ . ق) ۳ ، حول مراسم العزاء أنّ إقامة المآتم كانت رائجة في تلك العصور. فقد كتب ابن تيميّة بعض الردود ، كما ذكر ابن كثير مراسم العزاء التي كان يقيمها الشيعة بعبارة «ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والفزع».
كما أنّ قيام دولة المرعشيّين في طبرستان ذات النزعة الشيعيّة ، يمكنه أن يهيّئ الأرضيةَ لإقامة شعائر عاشوراء.
ويدلّ كتاب روضة الشهداء الذائع الصيت للكاشفي (من الخطباء المعروفين في القرن التاسع) والمشتمل على مراثٍ نُظمت قبله على منزلة الرثاء، وإنشاد المراثي في أدب القرن الثامن. كما يجب أن نذكر القصيدة الغرّاء لسيف الفرغاني، الشاعر والعارف الشيعيّ في هذا القرن ، ومطلعها ما ترجمته :
أيّها القوم ابكوا في هذا العزاءابكوا على قتيل كربلاء۴
1.رحلة ابن بطوطة : ج ۱ ص ۱۱۶.
2.جامع المسائل لابن تيمية : ص ۹۳ (المجموعة الثالثة).
3.البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۰۳ .
4.ديوان سيف فرغاني («بالفارسية» قسم القصائد والمقطوعات) القصيدة رقم ۷۹ ، ص ۱۷۶ .
أصل البيت فارسي هو :
أي قوم! در اين عزا بگرييدبر كشته كربلا بگرييد