۲۶۲۱.الأمالي للشجري عن بشر بن غالب الأسدي :حَجَجتُ سَنَةً ، فَأَتَيتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام زائِرا ومُسَلِّما ، فَقالَ لي : يا بِشرُ ، أيُّكُم حَرمَلَةُ بنُ كاهِلٍ ؟ قُلتُ : ذاكَ أحَدُ بَني موقِدٍ . قالَ : أوقَدَ اللّه ُ عَلَيهِ النّارَ ، وقَطَّعَ يَدَيهِ ورِجلَيهِ عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ ، فَإِنَّهُ رَمى صَبِيّا مِن صِبيانِنا بِسَهمٍ فَذَبَحَهُ .
قالَ بِشرٌ : فَخَرَجَ المُختارُ بنُ أبي عُبَيدٍ وأنَا بِالكُوفَةِ ، وإنّي لَجالِسٌ عَلى بابِ داري ، إذ أقبَلَ المُختارُ في جَماعَةٍ كَثيرَةٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ، فَقُلتُ : أينَ يُريدُ الأَميرُ ؟ فَقالَ : هاهُنا قَريبا وأعودُ . فَقُلتُ لِغُلامي : أسرِج ، فَرَكِبتُ وأتبعَتُهُ ، فَإِذا هُوَ واقِفٌ فِي الكِناسِ ـ وهِيَ مَحَلَّةُ بَني أسَدٍ ـ وقَد ثَنى رِجلَهُ عَلى مَعرِفَةِ فَرَسِهِ ، فَما لَبِثَ أن أطلَعَ قَومٌ مَعَهُم حَرمَلَةُ بنُ كاهِلٍ الأَسَدِيُّ ، في عُنُقِهِ حَبلٌ ، وهُوَ مَكتوفُ اليَدَينِ إلى وَرائِهِ .
فَقالَ المُختارُ : قَطِّعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ . فَوَاللّه ِ ، ما تَمَّ الأَمرُ حَتّى قَطَّعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ وهُوَ واقِفٌ ، ثُمَّ أمَرَ بِنَفطٍ وقَصَبٍ ، فَصَبَّ عَلَيهِ النَّفطَ وألقى عَلَيهِ القَصَبَ ، وطَرَحَ فيهَا النّارَ ، فَاُحرِقَ ، فَقُلتُ : لا إلهَ إلَا اللّه ُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، فَقالَ يا بِشرُ : أنكَرتَ فِعلي بِحَرمَلَةَ هذا ، أنسَيتَ فِعلَهُ بِآلِ عَلِيٍّ ومَوقِفَهُ فيهِم يَومَ الحُسَينِ عليه السلام وقَد رَمى طِفلاً لِلحُسَينِ عليه السلام وهُوَ في حِجرِهِ بِسَهمٍ ؟!
فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ! ما أنكَرتُ ذلِكَ ، وإنَّ هذا قَليلٌ في جَنبِ ما أعَدَّ اللّه ُ لَهُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ الإِثمَ الدّائِمَ ، ولكِنّي اُحَدِّثُ الأَميرَ بِشَيءٍ ذَكَرتُهُ ، يَسُرَّهُ ويُثَبِّتُ قَلبَهُ ويُقَوّي عَزمَهُ .
قالَ : وما هُوَ يا مُبارَكُ ؟
قُلتُ : حَجَجتُ سَنَةً ، فَأَتَيتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام زائِرا ومُسَلِّما عَلَيهِ ، فَسَأَلَني عَن حَرمَلَةَ بنِ كاهِلٍ هذا ، فَقُلتُ : هُوَ أحَدُ بَني مَوقِدِ النّارِ . فَقالَ : قَطَّعَ اللّه ُ يَدَيهِ ورِجلَيهِ ، وأوقَدَ عَلَيهِ النّارَ عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ .
قالَ : فَخَرَّ المُختارُ ساجِدا عَلى قَرَبوسِ سَرجِهِ ، وكادَ أن يَطيرَ مِنَ السَّرجِ فَرَحا وسُرورا ، وقالَ : الحَمدُ للّه ِِ ، بَشَّرَكَ اللّه ُ ـ يا بِشرُ ـ بِخَيرٍ .
فَلَمَّا انصَرَفنا وصارَ إلى بابِ داري ، قُلتُ : إن رَأَى الأَميرُ أن يُكرِمَني بِنُزولِهِ عِندي ، ويُشَرِّفَني بِأَكلِهِ طَعامي ؟ فَقالَ : سُبحانَ اللّه ِ ، ولَهُ الحَمدُ ! تُحَدِّثُني بِما حَدَّثتَني بِهِ عَن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام وتَسأَلُنِي الغَداءَ! لا وَاللّه ِ ـ يا بِشرُ ـ ، ما هذا يَومُ أكلٍ وشُربٍ ، هذا يَومُ صَومٍ وذِكرٍ . ۱