1 . زوال حكم آل أبي سفيان
لقد تسبّبت الموجة الاُولى لحادثة عاشوراء إلى زوال حكم آل أبي سفيان ، وذلك بعد مرور ثلاثة أعوام عليها فقط ، وكان دور هذه الفاجعة في اُفول قدرة هذه الاُسرة واضحاً إلى درجة بحيث إنّ عبد الملك بن مروان رغم أنّه ورث الحكم منهم، اعترف بهذه الحقيقة رسميّاً بعد تسلّطه على زمام الاُمور ، وكتب إلى الحجّاج بن يوسف :
جنّبني دماء بني عبد المطّلب ، فليس فيها شِفاء من الحَرَب . وإنّي رأيتُ بني حرب سُلبوا ملكهم لمّا قتلوا الحسين بن عليّ . ۱
2 . قصر العمر والإصابة بالأمراض الخطيرة
روى عبد اللّه بن بدر الخطمي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
مَن أحَبَّ أن يُبارَكَ في أجَلِهِ ، وأن يُمَتَّعَ بِما خَوَّلَهُ اللّه ُ تَعالى ، فَليَخلُفني في أهلي خِلافَةً حَسَنَةً ، ومَن لَم يَخلُفني فيهِم بُتِكَ ۲ عُمُرُهُ ، ووَرَدَ عَلَيَّ يَومَ القِيامَةِ مُسوَدّاً وَجهُهُ .
قال : فكان كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فإنّ يزيد بن معاوية لم يخلفه في أهله خلافة حسنة ، فبتك عمرهُ ، وما بقي بعد الحسين عليه السلام إلّا قليلاً، وكذلك عبيد اللّه بن زياد لعنهما اللّه . ۳
هلك يزيد وهو في الثامنة والثلاثين من عمره ، وقُتل ابن زياد وهو في السابعة والثلاثين، واستناداً لروايات معتبرة فقد اُصيب الكثير من المجرمين والجناة في كربلاء بالأمراض الخطيرة، مثل: الجنون والجذام والبرص، حيث يقول عبد الرحمن الغنوي :
ما بقي أحد ممّن تابعه [يزيد] على قتله، أو كان في محاربته [الحسين عليه السلام ] إلّا أصابه جنون، أو جذام، أو برص، وصار ذلك وراثة في نسلهم . ۴
كما نقل القاضي النعمان استناداً للروايات العديدة :
ما نجا أحد ممّن قتل الحسين عليه السلام من القتل فمات ، حتّى رُمي بداءٍ في جسده . ۵
كما يطالعنا في رواية ابن حجر:
إنّ جمعاً تذاكروا أنّه ما من أحد أعان على قتل الحسين، إلّا أصابه بلاء قبل أن يموت . ۶
لم يبق ممّن قتله [الحسينَ عليه السلام ] إلّا من عوقب في الدنيا ؛ إمّا بقتلٍ ، أو عمىً ، أو سوادِ الوجه، أو زوالِ الملك في مدّة يسيرة . ۷
ويصرّح ابن كثير بأنّ أغلب الروايات التي تشير إلى المصير المشؤوم لمسبّبي فاجعة كربلاء صحيحة ، وهذا نصّ كلامه :
أمّا ما روي من الأحاديث والفتن التي أصابت من قتَله [الحسينَ عليه السلام ]فأكثرُها صحيح، فإنّه قلّ من نجا من اُولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا، فلم يخرج منها حتّى اُصيب بمرض، وأكثرهم أصابهم الجنون . ۸
1.العقد الفريد: ج ۳ ص ۳۸۲، المحاسن والمساوئ: ص ۵۵، جواهر المطالب: ج ۲ ص ۲۷۸.
2.البتك: القطع، بتكه: قطعه (الصحاح: ج ۴ ص ۱۵۷۴ «بتك» ).
3.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج۲ ص۸۵، كنز العمال: ج۱۲ ص۹۹ ح۳۴۱۷۱ نقلاً عن أبيالشيخ في تفسيره وأبي نعيم ؛ بحار الأنوار: ج ۲۳ ص ۱۱۶ ح ۳۱ نقلاً عن خطّ الشهيد وفيهما صدره إلى «وجهه» .
4.كامل الزيارات: ص ۱۳۲ ح ۱۴۹، بحار الأنوار: ج ۴۴ ص ۲۳۶ ح ۲۷ .
5.شرح الأخبار: ج ۳ ص ۱۶۹ ح ۱۱۱۴.
6.الصواعق المحرقة: ص ۱۹۵، تاريخ دمشق: ج ۱۴ ص ۲۳۲ نحوه.
7.الصواعق المحرقة: ص ۱۹۵، تذكرة الخواصّ: ص ۲۸۰ .
8.البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۰۱.