مباحث كلامى
1. قوله: (وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ)۱ الآية.
سئل الباقر عليه السلام عن هاروت و ماروت. فقال: إن الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض فى كل يوم و ليلة يحفظون أعمال أهل الأرض من ولد آدم و الجن فيكتبون أعمالهم و يعرجون بها إلى السماء فضج أهل السماء من معاصى أهل الأرض فتوامروا بينهم ما يسمعون و يرون من افترائهم الكذب على اللَّه و جريانهم عليه و نزهوا اللَّه مما يقول فيه خلقه. فقالت طائفة من الملائكة: يا ربنا ما تغضب مما يقول خلقك فى أرضك و ما يصفون فيك من الكذب و الزور و يركبون من المعاصي و هم في قبضتك و قدرتك فأحب اللَّه تعالى أنيرى الملائكة قدرته و نافذ أمره في جميع خلقه و يعرف الملائكة ما من به عليهم مما عدله عنهم من صنيع خلقهم و ما طبعهم عليه من الطاعة و عصمهم من الذنوب. قال: فأوحى اللَّه إلى الملائكة أنأندبوا منكم ملكين حتّى أهبطهما إلى الأرض و أجعل فيهما من طبائع المطعم و المشرب و الحرص و الشهوة و الأمل مثل ما جعلته في ولد آدم ثم اختبرهما في الطاعة لي. قال: فندبوا لذلك هاروت و ماروت و كانا من أشد الملائكة معابةً لبني آدم فأوحى اللَّه إليهما أن أهبطا إلى الأرض فقد جعلت فيكما ما جعلته في ولد آدم، ثم أوحى اللَّه إليهما انظرا أن لاتشركا بي شيئاً و لاتقتلوا النفس التي حرمت و لاتزنيا و لاتشربا الخمر. قال: ثم كشف عن السماوات السبع ليريهما قدرته ثم أهبطهما إلى الأرض في صورة البشر و لباسهم فهبطا ناحية بابل فرفع لهما بناء قصرٍ فأقبلا نحوه فإذا بحضرته امرأة جميلة حسناء متزينة عطرة مقبلة مسفرة مقبلة نحوهما، فلما نظرا إليها و ناطقاها و تأملاها وقعت في قلوبهما موقعاً شديداً فراوداها عن نفسها. فقال لهم: إن لي ديناً أدين به و لستُ أقدر في ديني أنأجيبكما إلى ما تريدان إلّا أنتدخلا في ديني و قالا و ما دينك؟ قالت: لى إله من عبده و سجد له كان السبيل إلى أنأجيبه إلى كل ما سألني. فقالا لها: و ما إلهك؟ قالت: إلهي هذا الصنم. قال: فنظر أحدهما إلى صاحبه فقالا: هاتان الخصلتان مما نهينا عنهما الشرك و الزنا. قال: فغلبتهما الشهوة. فقالا: إنا نجيبك ما سألت.