دقيقةٍ لا يَعرفُها إلّا الأوحَديُ في الفلسفةِ. و لهذا كان تكلّمُ النبيِّ بالمعارف و الأحكامِ مع جميعِ النّاس فكان يصعَدُ علَى المنبرِ و قد كان في مجلسه أشخاصٌ مختلفةٌ من أميرِ المؤمنين عليّ عليه السلام إلى العرب المِعْدانيّ و هو صلى اللَّه عليه و آله يتكلَّمُ لهم في المعارفِ الربوبيِّ و يبيّنُ لهم الأحكامَ الإلهيّةَ من الأصولِ و الفقهِ و غَرضُه من التكلّم لم يكن استفادة فِرقةٍ خاصّةٍ بل الكلُّ كانوا يستفيدونَ منه المعارفَ و الأحكامَ و لو لم يكن ما يتكلّم فيه أمراً فطريّاً مكنوناً مكموناً في العقولِ لما كان لهذا التّكّلمِ العموميِّ وجهٌ فجميعُ الألفاظِ المستعملةِ في لسان الشّارعِ لا بدَّ و أن يُحملَ علَى المفاهيمِ العامّةِ الفطريّةِ العقلائيّةِ المتطابقةِ معَ المفطوراتِ العقليّةِ. فظَهَرَ انَّ في مقام الثبوت ليس نظامُ التشريعِ إلّا عَلى طبقِ المفطوراتِ حتّى لا يصعبَ ورودُها على العقولِ. ففي مقام الإثباتِ يجبُ حَملُ الفاظِ الشّارعِ كلُّها علَى المفاهيمِ العامّةِ الفطريّةِ المتطابقةِ لهذه المفطوراتِ و من الألفاظِ هو لفظ الحكم فيَجبُ حملُه على المعنَى العامَّ الفطريَّ العقلائيَّ ... و من هنا يستكشف أنّ الأحكامَ الإلهيّةَ كالمعارفِ الربوبيّةِ ليستْ مخصوصةً بالمجتهدين بل كلُّ الناس مقصودون بها، بل النّاسُ كلُّهم كانوا مجتهدين اِذ لا معنى للاجتهاد إلّا استفادة الحكم من بيان المولى و معلوم أنّ كلَّ من كانَ حاضراً في زمن المعصوم و كان يسمعُ منه كلاماً في الأحكامِ كان مجتهداً اِذ كان تستفيد منه مراده. مثلاً انّ سلمانَ و أبا ذرٍّ إلى سائر أصحاب المعصومين عليهم السلام كأبى بصيرٍ مثلا اِذا سمعوا عن المعصوم عليه السلام حكماً من الأحكام كحرمةِ شُربِ الخمرِ مثلاً كانوا يفهمون من كلامه عليه السلام مرادَه و إلّا لكان تكلّم المعصومِ معهم لغواً و عبثاً و حاشاه عن ذلك. و فهمهم المراد كان لعلمهم بأنّ هذا العامّ أو المطلق مخصّصٌ أو مقيّدٌ أو ليس كذلك أو اعتمد على القرينة المتّصلة أو المنفصلة أم لا و ذلك إمّا