نسبت عقل و شرع‏ - صفحه 172

لعلمهم بالمقيّد أو المخصّص أو القرينة أو لسؤالهم عن المعصوم عليه السلام فيها. و عَلى‏ أىِّ حالٍ لو لم يكونوا عالمينَ بمُفادِ الكلامِ من كونِه عامّاً أو خاصّاً أو مقيّداً أو معوّلاً على القرينةِ المتّصلةِ و المنفصلةِ من أىّ طريقٍ كان لَمَا كان لتّكلّمِ المعصومِ معهم فائدةٌ و ثمرةٌ و لا معنَى للاجتهادِ إلّا ذلك. نعم إِنّ السائلَ عن المعصوم عليه السلام قد كان يُحَدّثُ غيره بنفسِ ما تكلّم به المعصوم عليه السلام لفظاً أو ناقلاً إلى المعنى‏ و قد كان يحدّثه بما فهم من كلام المعصوم عليه السلام فبالقياس إلى الصورة الأولى كان راوياً و يسمّى محدّثاً و بالقياس إلى الثاني كان مجتهداً. فالإجتهاد لم يكن بخطيرٍ صعبٍ. نعم بالنسبة إلى الأعجام الّذين لا يَفهمون كلامَ العربِ الإسماعيليِّ الإلهيِّ يكون صَعباً و كذلك بالنسبة إلى المتأخّرينَ عن زمنِ الحضورِ صعبٌ و ذلك لتمادي الأعصار و اندماج العموماتِ و اختلاطِ المقيّداتِ و المخصّصاتِ و ظهورِ التّعارضِ في الرّواياتِ و اختفاءِ القرائنِ المتّصلةِ و المنفصلةِ و حدوثِ رجالٍ و سلسلةِ رُواةِ الأخبارِ بحيثُ صارَ سبباً لضعفِ وثاقتِها إلى غيرِ ذلك من العللِ العارضةِ و الأحداثِ الموجبةِ لصعوبةِ فَهْمِ مرادِ المعصوم عليه السلام من ظاهرِ كلامِه.

فالقولُ بأنّ الأحكامَ منحصرٌ بالمجتهدينَ قولٌ لغوٌ و كلامٌ هذلٌ فهي مجعولةٌ لكلِّ الناسِ و جميعُهم مأمُورون بها. و بالجملة فَكان تكلّمَ المعصوم عليه السلام في المعارفِ و الأحكامِ مع جميعِ العقلاءِ و ذلك لأنّ المعصوم عليه السلام لا يتكلّمُ إلّا بالمفطوراتِ و لا ينبّه عَلَى التفصيلِ إلّا بما هو مكنونٌ في العقول بالإجمالِ و الجمعِ. و هذا هو شأنُ الشّريعةِ الختميّةِ الإلهيّةِ و لهذا تكون الشريعةُ خلاقةً لمعلّم البشر. اِذ يفتحُ أبوابَ كشفِ الكنوزِ العلميِّ لتابعيه. فمتى توجَّهَ العاقلُ إلى عقلِه الصافيِّ يُفتَحُ له بابٌ من العلم بل أبوابٌ منه. فالشّارعُ يُرشِدُ تابعيه

صفحه از 179