امت - صفحه 304

۳۵۹.كمال الدين عن محمّد بن إسحاق بن يسار المدني :كانَ زَيدُ بنُ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ أجمَعَ عَلَى الخُروجِ مِن مَكَّةَ يَضرِبُ فِي الأَرضِ ويَطلُبُ الحَنيفِيَّةَ ـ دينَ إبراهيمَ عليه السلام ـ وكانَتِ امرَأَتُهُ صَفِيَّةُ بِنتُ الحَضرَمِيِّ كُلَّما أبصَرَتهُ قَد نَهَضَ إلَى الخُروجِ وأَرادَهُ ، آذَنَت بِهِ الخَطّابَ بنَ نُفَيلٍ .
فَخَرَجَ زَيدٌ إلَى الشّامِ يَلتَمِسُ ويطلُبُ في أهلِ الكِتابِ الأَوَّلِ دينَ إبراهيمَ عليه السلام ويَسأَلُ عَنهُ ، فَلَم يَزَل في ذلِكَ فيما يَزعُمونَ حَتّى أتَى المَوصِلَ وَالجَزيرَةَ كُلَّها ، ثُمَّ أقبَلَ حَتّى أتَى الشّامَ فَجالَ فيها حَتّى أتى راهِبا بِمَيفَعَةٍ ۱ مِن أرضِ البَلقاءِ ۲ ، كانَ يَنتَهي إلَيهِ عِلمُ النَّصرانِيَّةِ فيما يَزعُمونَ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الحَنيفِيَّةِ دينِ إبراهيمَ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ الرّاهِبُ : إنَّكَ لَتَسأَلُ عَن دينٍ ما أنتَ بِواجِدٍ لَهُ الآنَ مَن يَحمِلُكَ عَلَيهِ اليَومَ ، لَقَد دَرَسَ ۳ عِلمُهُ وذَهَبَ مَن كانَ يَعرِفُهُ ، ولكِنَّهُ قَد أظَلَّكَ خُروجُ نَبِيٍّ يُبعَثُ بِأَرضِكَ الَّتي خَرَجتَ مِنها بِدينِ إبراهيمَ الحَنيفِيَّةِ ، فَعَلَيكَ بِبِلادِكَ فَإِنَّهُ مَبعوثٌ الآنَ ، هذا زَمانُهُ .
ولَقَد كانَ سَئِمَ اليَهودِيَّةَ وَالنَّصرانِيَّةَ ، فَلَم يَرضَ شَيئا مِنهُما . فَخَرَجَ مُسرِعا ـ حينَ قالَ لَهُ الرَّاهِبُ ما قالَ ـ يُريدُ مَكَّةَ ، حَتّى إذا كانَ بِأَرضِ لَخمٍ ۴ عَدَوا عَلَيهِ فَقَتَلوهُ ، فَقالَ وَرَقَةُ بنُ نَوفَلٍ ـ وقَد كانَ اتَّبَعَ مِثلَ أثَرِ زَيدٍ ، ولَم يَفعَل في ذلِكَ ما فَعَلَ ، فَبَكاهُ وَرَقَةُ وَقالَ فيهِ ـ :

رَشَدتَ وأنعَمتَ ابنَ عَمرٍو و إنَّماتَجَنَّبتَ تَنّورا مِنَ النّارِ حامِيا
بِدينِكَ رَبّا لَيسَ رَبٌّ كَمِثلِهِوتَركِكَ أوثانَ الطَّواغي كَما هِيا
و قَد تُدرِكُ الإِنسانَ رَحمَةُ رَبِّهِولَو كانَ تَحتَ الأَرضِ سِتّينَ وادِيا۵

1.المَيفَعُ : المكان المُشرف . واليفاع : هو التلّ المشرف (لسان العرب : ج ۸ ص ۴۱۴ «يفع») .

2.البَلْقاءُ : كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القُرى ، قصبتها عمّان وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة(معجم البلدان : ج ۱ ص ۴۸۹) .

3.دَرَسَ : عَفا وخَفِيَت آثارُه (المصباح المنير : ص ۱۹۲ «درس»).

4.لخم : أو المناذرة ، من قبائل العرب ، أسّسوا الدولة اللخميّة في الحيرة ـ العراق ـ (المنجد في الأعلام : ص۶۱۲ «لخم») .

5.كمال الدين : ص ۱۹۹ ح ۴۱ ، بحار الأنوار : ج ۱۵ ص ۲۰۴ ح ۲۰ ؛ السيرة النبويّة لابن هشام : ج ۱ ص۲۴۶ ، السيرة النبويّة لابن كثير : ج ۱ ص ۱۵۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۴۹۷ كلّها نحوه .

صفحه از 314