ایمان - صفحه 68

[ج ـ صِفَةُ الخُروجِ مِنَ الإِيمانِ]

۰.وقَد يَخرُجُ مِنَ الإِيمانِ بِخَمسِ جِهاتٍ مِنَ الفِعلِ ، كُلُّها مُتَشابِهاتٌ مَعروفاتٌ : الكُفرُ ، وَالشِّركُ ، وَالضَّلالُ ، وَالفِسقُ ، ورُكوبُ الكَبائِرِ .
فَمَعنَى الكُفرِ كُلُّ مَعصِيَةٍ عَصَى اللّهَ بِها بِجِهَةِ الجَحدِ وَالإِنكارِ وَالاِستِخفافِ وَالتَّهاوُنِ في كُلِّ ما دَقَّ وجَلَّ ، وفاعِلُهُ كافِرٌ ، ومَعناهُ مَعنى كُفرٍ مِن أيِّ مِلَّةٍ كانَ ومِن أيِّ فِرقَةٍ كانَ ، بَعدَ أن تَكونَ مِنهُ مَعصِيَةٌ بِهذِهِ الصِّفاتِ فَهُوَ كافِرٌ .
ومَعنَى الشِّركِ كُلُّ مَعصِيَةٍ عَصَى اللّهَ بِها بِالتَّدَيُّنِ فَهُوَ مُشرِكٌ صَغيرَةً كانَتِ المَعصِيَةُ أو كَبيرَةً ، فَفاعِلُها مُشرِكٌ .
ومَعنَى الضَّلالِ الجَهلُ بِالمَفروضِ ، وهُوَ أن يَترُكَ كَبيرَةً مِن كبائِرِ الطَّاعَةِ الَّتي لا يَستَحِقُّ العَبدُ الإِيمانَ إلّا بِها بَعدَ وُرودِ البَيانِ فيها وَالاِحتِجاجِ بِها ، فَيَكونُ التّارِكُ لَها تارِكاً بِغَيرِ جِهَةِ الإِنكارِ ، وَالتَّدَيُّنِ بِإِنكارِها وجُحودِها ولكِن يَكونُ تارِكاً عَلى جِهَةِ التَّواني وَالإِغفالِ وَالاِشتِغالِ بِغَيرِها ، فَهُوَ ضالٌّ مُتَنَكِّبٌ عَن طَريقِ الإِيمانِ ، جاهِلٌ بِهِ خارِجٌ مِنهُ ، مُستَوجِبٌ لِاسمِ الضَّلالَةِ ومَعناها ما دامَ بِالصِّفَةِ الَّتي وَصَفناهُ بِها ، فَإِن كانَ هُوَ الَّذي مالَ بِهَواهُ إلى وَجهٍ مِن وُجوهِ المَعصِيَةِ بِجِهَةِ الجُحودِ وَالاِستِخفافِ وَالتَّهاوُنِ كَفَرَ ، وإن هُوَ مالَ بِهَواهُ إلَى التَّدَيُّنِ بِجِهَةِ التَّأويلِ وَالتَّقليدِ وَالتَّسليمِ وَالرِّضا بِقَولِ الآباءِ وَالأَسلافِ فَقَد أشرَكَ ، وقَلَّما يَلبَثُ الإِنسانُ عَلى ضَلالَةٍ حَتّى يَميلَ بِهَواهُ إلى بَعضِ ما وَصَفناهُ مِن صِفَتِهِ .
ومَعنَى الفِسقِ فَكُلُّ مَعصِيَةٍ مِنَ المَعاصِي الكِبارِ ، فَعَلَها فاعِلٌ أو دَخَلَ فيها داخِلٌ بِجِهَةِ اللَّذَّةِ وَالشَّهوَةِ وَالشَّوقِ الغالِبِ فَهُوَ فِسقٌ ، وفاعِلُهُ فاسِقٌ خارِجٌ مِنَ الإِيمانِ بِجِهَةِ الفِسقِ ، فَإِن دامَ في ذلِكَ حَتّى يَدخُلَ في حَدِّ التَّهاوُنِ وَالاِستِخفافِ ، فَقَد وَجَبَ أن يَكونَ بِتَهاوُنِهِ وَاستِخفافِهِ كافِرا .
ومَعنى راكِبِ الكَبائِرِ الَّتي بِها يَكونُ فَسادُ إيمانِهِ ، فَهُوَ أن يَكونَ مُنهَمِكا عَلى كَبائِرِ المَعاصي بِغَيرِ جُحودٍ ولا تَدَيُّنٍ ولا لَذَّةٍ ولا شَهوَةٍ ، ولكِن مِن جِهَةِ الحَمِيَّةِ وَالغَضَبِ ، يُكثِرُ القَذفَ وَالسَّبَّ وَالقَتلَ ، وأخذَ الأَموالِ وحَبسَ الحُقوقِ وغَيرَ ذلِكَ مِنَ المَعاصِي الكَبائِرِ الَّتي يَأتيها صاحِبُها بِغَيرِ جِهَةِ اللَّذَّةِ ، ومِن ذلِكَ الأَيمانُ الكاذِبَةُ وأخذُ الرِّبا وغَيرُ ذلِكَ ، الَّتي يَأتيها مَن أتاها بِغَيرِ استِلذاذٍ ، وَالخَمرُ وَالزِّنا وَاللَّهوُ ، فَفاعِلُ هذِهِ الأَفعالِ كُلِّها مُفسِدٌ لِلإِيمانِ خارِجٌ مِنهُ ، مِن جِهَةِ رُكوبِهِ الكَبيرَةَ عَلى هذِهِ الجِهَةِ ، غَيرُ مُشرِكٍ ولا كافِرٍ ولا ضالٍّ ، جاهِلٌ عَلى ما وَصَفناهُ مِن جِهَةِ الجَهالَةِ ، فَإِن هُوَ مالَ بِهَواهُ إلى أنواعِ ما وَصَفناهُ مِن حَدِّ الفاعِلينَ كانَ مِن صِنفِهِ . ۱

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۲۷۵ ح ۳۱ .

صفحه از 436