حجّية الحديث المعنعن، و ما يثار حوله شبهة في قبال البديهة - صفحه 90

3 ـ تراثنا الحديثي ودور العنعنة فيه :

فإنّ ما بأيدينا من التراث الحديثيّ الضخم نتّخذه محوراً للعمل ، ومجالاً للبحث عن تاريخ العنعنة ، فلنحاول متابعة عيّنات من هذا التراث حَسَبَ تسلسلها التاريخيّ :

1 ـ الجعفريّات :

وهو مجموع من «ألف حديث» بسند واحد ، وأحاديثه مسندة بطريق أهل البيت : ۱ سُمّي بذلك لكونه من رواية الإمام جعفر الصادق عليه السّلام .
وعُرف بعنوان «كتابٌ لأهل البيت :» لكونه بسندهم أبٍ عن جدّ حتّى يُرفع إلي جدّهم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم .
واشتهر باسم «الأشعثيات» باعتبار تمحور روايته عن المحدّث محمّـد بن محمّـد بن الأشعث المصري أبي علي الكوفي ، الذي رواه سنة 313 و 314 ، ورواه عنه مجموعة من الرواة ، منهم :
أبو محمّـد ، سهل بن أحمد بن سهل الديباجي .
وهارون بن موسى التلّعُـكبري البغدادي .
وعبـد الله بن محمّـد بن عبـد الله بن عثمان أبو محمّـد ابن السقّاء ، وهو راوي النسخة المتداولة منه .
وعبدالله بن أحمد بن عديّ .
وأبو الحسن عليّ بن جعفر بن حمّاد بن رزين الصيّاد ، بالبحرين ۲ .
وابن الأشعث روى الكتاب عن : موسى بن إسماعيل بن الإمام الكاظم موسى ابن جعفرعليهما السّلام . ولابن الأشعث متابع وهو في ما رواه الصدوق القمّي بسنده عن محمّـد بن يحيى الخزّاز ، قال : حدّثني موسى بن إسماعيل .
وموسـى هذا يـروي عن أبيـه إسـماعيل ، عن أبيه الإمام موسـى الكاظم عليه السّلام ، عن أبيه الإمام جعفر الصادق عليه السّلام ۳ .
وعُنِيَ الخاصّة برواية هذا الكتاب ، وتداولوا نسخه ، وجاء ذِكره في الفهارس والمشيخات والإجازات ، وسمّاه كثير منهم بـ «الجعفريات» كما مـرّ .
وبهذا الاسم أيضاً عُرف عند الطائفة الإسماعيلية ، كما رأيت في بعض مؤلّفات القاضي النعمان المصري صاحب «دعائم الإسلام» .
كما أسند العامّة في مؤلّفاتهم إلى بعض أحاديثه ۴ وسُمّي عندهم باسم «كتابٌ
لأهل البيت» .
تبدأ النسخة المطبوعة بالسند التالي :
أخبرنا القاضي أمين القضاء أبو عبـد الله محمّـد بن علي بن محمّـد «قراء ةً عليه ، وأنا حاضرٌ أسمع» قيل له : حـدّثـكم والدكم أبو الحسـن علي بن محمّـد بن محمّـد ، والشيخ أبو نعيم محمّـد بن إبراهيم بن محمّـد ابن خلف الحجازي ، قالا :
أخبرنا الشيخ أبو الحسن ، أحمد بن المظفّر العطّار ، قال :
أخبرنا أبو محمّـد ، عبـد الله بن محمّـد بن عبـد الله بن عثمان المعروف بابن السقّاء ، قال :
أخبرنا أبو عليّ ، محمّـد بن محمّـد بن الأشعث الكوفي ، من كتابه سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، قال :
حدّثني أبو الحسن ، موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّـد بن عليّ ابن الحسـين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، قال :
حدّثنا أبي ، عن أبيـه ، عن جـدّه جعفـر بن محمّـد ، عن أبيـه ، عن جـدّه عليّ ابن الحسـين ، عن أبيـه ، عن عليّ بن أبي طـالب عليه السّلام ، قـال : قـال رسـول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : «الماءُ يُطَهِّرُ ولا يُطـهَّـر» ۵ .
واختصر هذا السند في ما تلاه من الكتب الفقهية المتتالية ، في أبوابها المختلفة المعنونة في الكتب :
ففي أوّل باب بعنوان «باب طهارة الماء الجاري» جاء السند هكذا : أخبرنا محمّـد ، قال : حدّثني موسى : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليه السّلام .
وأضاف في بعض المواضع في بداية هذا السند : «أخبرنا عبـد الله» ۶ وهو ابن السقّاء الذي روى في البداية عن «محمّـد» وهو ابن الأشعث .
وفي باب «السُـنّة في حلق الشعر يوم السابع للمولود» ذكر السند السابق ، ثمّ أتبعه بقوله : «وبإسناده عن جعفر بن محمّـد ، عن أبيه . . .» إلى آخره ۷ .
وعنـدما يـروي فى بعض المواضـع النـادرة عـن غيـر أهـل البيـت ، لا يسـتعمل معهم العنعنة غالباً ، بل يستعمل ألفاظ الأداء الأُخرى ۸ وقد روى الخطيب البغدادي واحداً من أحاديث الكتاب بالسند التالي : أنا عبيـد الله بن أبي الفتح ، أنا سهل بن أحمد الديباجي ، نا محمّـد بن محمّـد ابن الأشعث الكوفي بمصر ، نا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّـد ، نا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليٍّ ، قال : . . . ۹ .
وقد ورد هذا الحديث بعينه في الجعفريّات بقوله : وبإسناده عن جعفر بن محمّـد ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسـين ، عن أبيه ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، قال: «ليس مـن أخـلاق المـؤمـن التـملُّـق ، ولا الحسـد ، إلّا في طلب العلم» ۱۰ .
والإسناد السابق عليه هو : أخبرنا عبـد الله ، قال : أخبرنا محمّـد ، قال :
حدّثنا موسى ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّـد . . .
فيـلاحـظ : اقتصار ما في كتابنا على كلمة «بإسناده» بدلاً عن قطعة من السند ، واختصار الخطيب ألفاظ الأداء ، واكتفاؤه بـ «أنا» التي هي عبارة عن «أخبرنا» و «نا» التي هي اختصار «حدّثنا» ۱۱ .
كما يلاحظ في جميع ما ورد في الكتاب وما نقل عنه استعمال العنعنة مع أسماء الأئمّة : ، واستعمال الألفاظ صريحها أو مختصرها مع أسماء المتأخّرين عنهم ، سوى بعض الموارد ، حيث جاء فيها : «عن جعفر ، قال : أخبرني أبي ، قال :» ۱۲ .
ومورد آخر : «عن عليّ عليه السّلام ، خُبِّرنا عن رسول الله 9» ۱۳ .
واتّفاق ما نقله الخطيب مع ما في النسخة المتداولة في هذه الجهة دليل على ثبوت ذلك في أصل الكتاب .
ثمّ إنّ الصدوق قد أسند إلى موسى بن إسماعيل بن الكاظم عليه السّلام ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفرعليه السّلام .
وسند الصدوق هو : الحسن بن عبـد الله العسكري ، ثنا محمّـد بن أحمد بن حمدان القشيري ، ثنا أحمد بن عيسى الكلابي ، ثنا موسى ، عن إسماعيل . . . ۱۴ .
وقد ورد كثير من أحاديث هذا الكتاب «الجعفريات» برواية سهلٍ عند المحدّث الأقدم الإمام جعفر بن أحمد القمّي الرازي في كتابه القيّم «جامع الأحاديث» بصورة العنعنة ۱۵ ، وبطريق محمّـد بن عبـد الله ۱۶ وبطريق هارون
ابن موسى ۱۷ .

1.عدا بعض الأحاديث ، وسنذكر مواضعها .

2.لاحظ : بحار الأنوار ۱۰۷ / ۱۳۲ في الإجازة الكبيرة لبني زهرة التي أصدرها لهم العـلّامة الحـلّي رحمه الله ؛ ولاحـظ : نوابـغ الرواة من طبقات أعلام الشـيعة : ۱۳۷ و ۱۵۲ و ۱۵۷ و ۱۷۶ و ۳۲۸ وترجمة ابن الأشعث في ص ۳۰۲ .

3.جاء السند عن غير أهل البيت : في ص ۱۰۱ ۱۰۲ ، و ص ۱۱۶ من المطبـوعـة ، حـديث المفـقـود ، و ص ۱۴۶ بـاب حـدّ اللـوطيّ أحـاديث عديـدة ، و ص ۲۰۶ باب نقـل الموتى عن مصـارعهم ، عـدّة أحـاديث ، و ص ۲۱۱ و ۲۱۳ ۲۱۴ ، فـلاحظ .

4.لاحـظ : الـجـامـع لأخـلاق الـراوي ۱ / ۳۲۰ ح ۳۹۱ ، و ۲ / ۳۹۴ ، وأدب الإمـلاء لـلســمـعـاني : ۴۱ ۴۲ ، والـطـبّ الـنـبــويّ : ۳۶۳ ، والـفـقـيـه والـمـتـفـقّــه للخطيب ۲ / ۱۹۴ ، ونقل عن الدارقطني باسم «العلويّات» في سؤالات السهمي للدارقطني : ۵۲ ، وقال ابن حجر : «وقفتُ على بعض الكتاب المذكور وسمّاه «السنن» ورتّبه على الأبواب ، وكلّه بسند واحد ، وأورد الدارقطني في «غرائب مالك» من روايته ج يعني ابن الأشعث ج حديثاً ، وقال : كان ضعيفاً» ونقل عدّة من رواياته . لسان الميزان ۵ / ۳۶۲ .

5.الجعفريات المطبوع مع «قرب الإسناد» : ۱۱ .

6.لاحظ ص ۶۶ من «الجعفريات» بداية باب «الرجل يموت ولم يحجّ . . .» .

7.الجعفريات : ۱۵۶ و ۲۲۹ .

8.لاحظ الجعفريات : ۲۱۱ .

9.الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ۱ / ۳۲۰ ح ۳۹۱ .

10.الجعفريات : ۲۳۵ باب «البرّ وسخاء النفس وطيب الكلام والصبر على الأذى» من كتاب جاء في أوّله : «كتاب غير مترجم» .

11.لاحظ اختصارات ألفاظ الأداء في بحث «صيغ التحمّل والأداء» : ۱۶۶ .

12.الجعفريات : ۱۱۳ .

13.الجعفريات : ۶۳ كتاب المناسك ، باب التلبية .

14.الموسوعة الرجالية للبروجردي ۵ / ۳۷۴ .

15.جامع الأحاديث : ۶۱ و ۷۳ و ۹۹ و ۱۲۳ .

16.جامع الأحاديث : ۷۹ و ۹۹ و ۱۰۴ .

17.جامع الأحاديث : ۷۸ .

صفحه از 162