تحمُّلُ الحديث بالإجازة، واجبٌ مُلحٌّ في العصر الحاضر - صفحه 17

ولو لم يكن كلّ هذه الطرق ، لكن لابدّ من مجرّد إظهار المؤلّف كتابه لهؤلاء العدّة ، وقوله لهم: «إنّ هذا هو كتابي أو سماعي أو روايتي» ولو لم يُناولهم كتابه ، ولا صرّح بالإجازة لهم ، وهذا يُسمّى «إعلاماً» وقد عدّه العلماء من الطرق السبع ، أو الثمان لتحمّل الحديث.
وهو نظير السماع عن الشيخ ، ويفترق عنه بالإجمال والتفصيل ، لأنّ السامع يسمع عن الشيخ أحاديثه التي يرويها الشيخ ويُخبر بها واحداً واحداً ، على التفصيل ، لكن في إعلام الشيخ له بأنّ مجموع ما في هذا الكتاب من روايته: إخبار بها جملةً واحدةً ، فكأنّه سمع عن الشيخ مجموع هذه الروايات إجمالاً.
وكما أنّ السماع عن الشيخ لآحاد رواياته تفصيلاً ، مُجوّزٌ لروايتها عنه ـ وإنْ لم يصرّح له الشيخ بالإجازة والإذن ، بل ، ولو كان المقصود بالسماع غيره ، أو سمع من وراء الستر ، بل ، ولو منعه الشيخ عن الرواية عنه ، لاُمور غير راجحة ـ فكذلك إعلام الش يخ ، الذي هو إخبار إجماليّ منه بأنّ مجموع ما في هذا الكتاب رواياته ، مُجوّزٌ لروايتها عنه.
بل ، من لوازم إخبار كلّ أحَدٍ بكلّ شي ءٍ لكلّ أحد ، ترخيصُ المخبِر وإذنه لمن أخبره به ، في نقله عنه.
ولو دعاهُ غرض إلى الإخبار بِهِ ـ لكنّ ما أراد نقلَ ذلك الخبر عنه ـ لزمه التصريح بالمنع ، أو الاكتفاء بمنع الشارع ، إن كان ممّا نهى الشارعُ عنه ، كأنْ يكونَ نميمةً ، أو فيه شَيْنٌ للمخبر أو مؤمنٍ آخر ، أو ما يسوؤهما ، أو يترتّب على نقله فساد شخ صيٌّ ، أو نوعيٌّ ، أو غير ذلك.
وبالجملة ، فكما أنّ السماع عن الشيخ ـ مع تجرّده عن الإجازة ـ كافٍ في التحمّل وجواز الرواية ، فكذلك الإعلام المجرّد عنها ، إذا حصل من المؤلّف لكلّ واحد ممّن أدركه.
فأهل الطبقة الاُولى ـ المدركون للمؤلّف والحاملون لكتابه عنه بإحدى

صفحه از 29