وهو كذلكَ بقرينة ماقبله ومابعده من الأحاديث ، كما أنّ إثبات الباب في كتاب التجارة يؤنس بأنّ المراد بالجار هو صاحب الدار المجاورة .
وربما يُشكل بأنّ إيراد الحديث الثاني الموقوف على الصادق عليه السّلام في باب جار الدار ، يُنافي وضع الحديث بكامله ـ وفيهِ نصّ الحديث الثاني ـ في باب الحرب .
والظاهر عدم التنافي :
لأنّ الحديث الأوّل يحتوي على جملتين :
1 ـ أنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم .
2 ـ حرمة الجار على الجار كحرمة اُمّه .
والجملة الثانية ترتبط بجوار الحرب ، لعنوان الباب ومناسبة كتاب الجهاد .
أمّا الاُولى فهي لا ترتبط إلّا بجوار الدار ، بقرينة قوله :«غير مضارّ ولا آثم» لأنّ جار الدار هو المتوقّع منه الإضرار ، ولذلكَ وردت أحاديث نفي الضرار في حقّه ، وأثبت الكليني هذا الحديث في ذلكَ الباب لمدلول هذهِ الجملة بالذات .
ولابدّ أن تكون هذهِ الجملة الاُولى مرتبطةً بجوار الدار ، لأنّ المذكور في كتاب النبي صلّى الله عليه و آله إنمّا هم المهاجرون والأنصار ، ومن لحقَ بهم، ومن المعلوم أنّ الجوار الذي كانَ بينهم إنمّا كان جوار دار ، لا جوار حرب .
وماجعلَ الشيخان هذهِ الرواية المشتملة على الجملة الاُولى في كتب وأبواب تناسب جوار الدار ، إلّا لدلالتها المذكورة .
ثمّ إنّ الكليني أورد رواية كتاب علي عليه السّلام في اُصول الكافي ، في كتاب العشرة ، في «باب حقّ الجوار» مشتملاً على الجملتين ، إلى قوله «كحرمة اُمّه» ۱ .
وهذا منه دليل واضح على أنّ الرواية مشتملة على الحكمين ، حقّ الجار جار الدار ، وحقّ الجار جار الحرب ، حيث أورده تارةً في كتاب العشرة ، وهو المناسب للأوّل ، ثمّ في كتاب الجهاد وهو المناسب للثاني .