دراسة تحليلية حول عناصر بقاء السنّة الشريفة - صفحه 39

زمن الصحابة، ۱ حيث انّ السنّه لم تكن قد أخذت طريقها للتدوين بعد.

المحاولة الثانية، السفر لطلب الحديث:

لقد أصبح السفر لطلب الحديث ظاهرة ملموسة عند الأوائل، وكمثال على ذلك ما نقله البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال:
خرج أبو أيّوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر، يسأله عن حديث سمعه من رسول اللّه(ص) لم يبق أحد سمعه منه غيره؛ فلمّا قدم الفسطاط أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري ـ وهو أمير مصر ـ فخرج إليه فعانقه وقال:دلّوني على عقبة؛ فأتى عقبة وقال: ما جاء بك يا أبا أيّوب؟ قال: حديث سمعته من رسول اللّه(ص) في ستر المؤمن، فقال: نعم سمعت رسول اللّه (ص) يقول: من ستر مؤمناً ستره اللّه يوم القيامة. ثم انصرف أبو أيّوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة. ۲

المحاولة الثالثة، التثبّت في أخذ الحديث وفي التحديث به:

وإليك نموذجاً لكلّ منهما:
1. قال رجل لابن عباس: مالي لاأراك تسمع لحديثي، أحدّثك عن رسول اللّه (ص) ولا تسمع؟! فردّ عليه إبن عباس: إنّا كنّا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: «قال رسول اللّه(ص)» ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا؛ فلمّا ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلاّ ما نعرف. ۳
2. قال عمروبن ميمون: اختلف إلى عبداللّه بن مسعود سنةً فما سمعته فيها بحديث عن رسول اللّه(ص) ولا يقول:«قال رسول اللّه (ص) »؛ إلاّ أنّه حدّث ذات يوم بحديثٍ فجرى على لسانه: «قال رسول اللّه(ص) »؛ فعلاه الكرب حتّى رأيت العرق يتحدّر عن جبينه. ثمّ قال: إن شاء اللّه إمّا فوق ذلك، أو قريب من ذلك، وإمّا دون ذاك. ۴

1.۳۱.توثيق السنة في القرن الثاني الهجري،ص۲۸

2.نقله صاحب حجية السنة عن: مفتاح الجنة،السيوطي،ص۴۸

3.نقله صاحب توثيق السنة عن: صحيح مسلم، بشرح النووي،ج۱،ص۶۷ـ ۶۸

4.فتح الباري،ج۶،ص۲۸

صفحه از 43