13
رسائل في دراية الحديث ج1

الشكّ ، أو الإحاطة بالمعلوم بجميع شؤونه وجهاته. ۱
واصطلاحا : فرع من فروع علوم الحديث ، وقد ذكروا لها تعاريف عدّة :
فالشهيد الثاني عرّفها بأنّها : «علمٌ يُبحث فيه عن متن الحديث وطرقه ؛ من صحيحها وسقيمها وعليلها ، وما يُحتاج إليه ليُعرف المقبول منه من المردود».۲
وعرّفها الشيخ البهائي بقوله : «علم الدراية : علمٌ يُبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تحمّله وآداب نقله» .
وأمّا موضوع علم الدراية : فهو سند الحديث ومتنه ، وتعتبر مباحثه ومسائله عوارض وأوصافا يتّصف بها السند والمتن . والغاية منه : التمييز بين الحديث المقبول والحديث المردود ؛ لغرض استنباط الأحكام والعمل بها .
أمّا الفرق بين علم الدراية وعلم الرجال : فقد وردت في الكتب المعنيّة بهذا الموضوع مطالب شتّى ، منها : أنّ موضوع علم الدراية موضوع كلّي يتناول الحديث من حيث سنده أو متنه أو كليهما ، وغايته قبول أو ردّ الخبر . بينما موضوع علم الرجال جزئي ويبحث فيه عن أوصاف رواة السند فردا فردا ، ولا صلة له بالمتن أو بمجموع السند ، وغايته معرفة الراوي الضعيف من الثقة وما شابه ذلك .
وبعبارة أُخرى : إنّ موضوع علم الرجال هو المحدّث ، وغايته معرفة أوصافه . بينما الموضوع الذي يبحث علم الدراية هو الحديث ، وغايته معرفة أقسام الحديث ، وتدخل الأبحاث المتعلّقة بمتن الحديث في إطار علم الدراية أيضا .

تطوّر تدوين علم الدراية عند الشيعة

يمتاز علم الدراية لدى السنّة بالقِدم والوضوح عمّا عليه عند الشيعة ، وكان متداولاً بين علمائهم منذ عهد مديد ، وقد ألّفوا في هذا المضمار كتبا عديدة جدّا . أمّا

1.مقباس الهداية ۱ : ۳۹ ـ ۴۰ و۵ / ۱۱ ـ ۱۳ ؛ معجم الفروق اللغوية ، أبو هلال العسكري : ۲۳۰ .

2.الرعاية في علم الدراية : ۴۵ .


رسائل في دراية الحديث ج1
12

يُجتنب عنه . وهو أفضل العِلمين ؛ فإنَّ الغرض الذاتي منهما هو العمل . والدراية هي السبب القريب له» ۱ .
وقال صاحب «المعالم» في ذكر أهميّة هذا الموضوع : «إنّ إعطاء الحديث حقّه من الرواية والدراية أمر مهمّ لمن أراد التفقّه في الدين .. . وقد كان للسلف الصالح ـ رضوان اللّه عليهم ـ مزيد اعتناء بشأنه وشدّة اهتمام بروايته وعرفانه .. . ثمّ خَلف من بعدهم خَلَفٌ أضاعوا حقّه وجهلوا قدره ؛ فاقتصروا من روايته على أدنى مراتبها وألقوا حبل درايته على غاربها» ۲ .
وقال الشيخ عزّ الدين حسين بن عبد الصمد العاملي ـ والد الشيخ البهائي ـ في كتاب «وصول الأخيار» : «اعلم أنّ علم الحديث علم شريف ، وهو من علوم الآخرة ، مَن حُرِمه حُرِم خيرا عظيما ، ومن رُزِقه رُزِق فضلاً جسيما . قال بعض العلماء : لكلّ دين فُرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد» ۳ .
وعلم الحديث عنوان واسع تنطوي تحته جميع الفروع الّتي تُعنى بشكل أو آخر بدراسة الحديث والسنّة . وقد تطوّرت مسائله وقضاياه مع مرور الزمان ، وتشعّبت إلى علوم شتّى ، ووصل عددها ـ كما يرى البعض ـ إلى ثلاثة عشر فرعا ، منها : الجرح والتعديل ، وعلم رجال الحديث ، وعلم مختلف الحديث ، وعلم علل الحديث ، وعلم غريب الحديث ، وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه ، وعلم فقه الحديث ، وعلم دراية الحديث .
والدراية ـ بكسر الدال ـ لغةً : مصدر الفعل «درى يدري» ، على وزن «رمى يرمي» . وقد اعتبرها جماعة من اللغويين مرادفة لكلمة العلم. ۴
وفرّق آخرون بين معناها ومعنى العلم وقالوا : إنّها أخصّ من العلم ؛ بمعنى أنّ الدراية تعني حصول العلم بعد

1.منية المريد ، ۳۶۹ ـ ۳۷۰ .

2.بحار الأنوار ۱۰۹ : ۳ .

3.وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : ۱۲۱ .

4.لسان العرب ۱۴ : ۲۵۵ ؛ المصباح المنير ۱ : ۲۶۳ ؛ مجمع البحرين ۱ : ۱۳۸ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    ناطقی، علی اوسط؛ درایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114048
صفحه از 616
پرینت  ارسال به