المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 266

الخلق: ثمرها طيّب، وأصلها ثابت ومنبتها طاهر، ولها قلب وشخص ورأس كصورة الآدميّ، مؤونتها قليلة، وأثمارها كثيرة، ومنافعها غزيرة شريفة، قدمُها قائم بقوّتها، ووجودها ثابت بقلبها. فكذلك الإنسان جميع أجزائه سبب المنافع والعبادات، قليل المؤونة كثير الخير، أصله ثابت في الدين وفرعه معاملة الحقّ، بدنه قائم بروحه، رأسه سيّد جسده من فرقه إلى قدمه، في حياته راحة الأرواح والأشباح، وفي مماته سبيكة الإكسير الأعظم، مولده طيّب ونشوؤه طيّب، وموته حسرة على جميع الخلق كحسرة صاحب النخلة على انقلاع النخل من عواصف الرياح، اختاره اللّه لمعرفته وطاعته من جميع البريّه كما اختار النخل بهذه المنافع فى الدنيا والآخرة.
وأيضا دليل الاستنباط في حقيقة الحديث ما روت عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ أنّ بعض أزواج النبيّ صلى الله عليه و سلم قلن للنبيّ صلى الله عليه و سلم: أيُّنا أسرع بك لحوقا؟ قال صلى الله عليه و سلم: أطولكنّ يدا. ۱ قالت: فأخذن قصبةً يذرعنها، وكانت سودة أطولهن يدا. فعلمنا بعدُ إنّما كان طول يدها صدقة. وكانت أسرعنا لحوقا به وكانت تحبّ الصدقة.
فمالت كلهنّ إلى أنّ طول يدها يؤوّل إلى ظاهرها فتذارعنها.
ومالت عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ فيما تأوّلته إلى أن مدّها العطاء والصدقة. ولحوقها بالنبيّ صلى الله عليه و سلمأوّلاً من أدلّة نبوّته، إذ لا يعلم الغيب إلا ربّه الذي أطلعه عليه وأعلمه إيّاه صلى الله عليه و سلمواستنبط أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه من حديثه صلى الله عليه و سلم ما قال: ما أنزل اللّه آية إلاّ ولها ظهر وبطن وحدّ ومطلع. ۲ قال عليّ ـ كرم اللّه وجهه ـ : القرآن على أربعة أرباع. فربع فينا، وربع في عدونا، وربع أمثال وعبر، وربع محكم ومتشابه.

1.صحيح مسلم ، ج۷ ، ص۱۴۴ ، فيه : «أسرعكنّ لحاقا بي أطولكنّ يدا».

2.ورد باختلاف يسير في وسايل الشيعه ، ج ۱۸ ، ص ۱۴۵ .

صفحه از 363