وعن ابن حبّان في الثقات قوله: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً، وقال أبو حنيفة في فقهه: ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد ۱ .
مع هذا كلّه، لم يُخْلِ اِبنُ حجر ترجمة الإمام عليه السّلام من قول ابن سعد: «كان كثير الحديث، ولا يُحتَج به ويُستَضْعف!»
مع أنّ قول هذا العبد، على ضعفه وإرساله وجهالته، ليس بذي أثرٍ في شأن ذلك الإمام العظيم الذي ملأ الدنيا صيتُه فضلاً وعلماً، وإمامةً في الدين، وفي العقيدة، حتّى ملأ أتباع فقهه الدنيا، وقد احتجّ به مسلم في صحيحه، والبخاري في سائر كتبه بعد الصحيح.
والهدف أنّ ابن حجر أثْبتَ الجرح الهزيل في ترجمة الإمام مع هزاله وضعفه، فكيف يُهمل في ترجمة أبي حنيفة أطنان الجرح وأنواع القدح، ولا يذكر منها ولا واحدةً؟!
ألا يُثير كلّ هذا ظنّاً بأنّ يداً خائنة قد امتدّتْ إلى تهذيب ابن حَجر، فحذفت من ترجمة أبي حنيفة ما لا يوافق هواها؟
أو يكون ابن حَجر قد اتّقى أتباع أبي حنيفة الذين كثروا على طول الزمان من عصره إلى عصر ابن حجر، فلم يتمكّن ابن حجر من أن يَنْبِس ببنت شفةٍ في نقل «نقد واحد» في حقّ أبي حنيفة، من بين «نقوده» الكثيرة؟!
أوَلا يُثير هذا ظنّاً بأنّ حنفيّاً اغتاض من ذكر اسم أبي حنيفة في ميزان الذهبيّ، فحذفه من نسخة أو اُخرى!
فما لك، يا مرعشليّ! لا تتأثّر لمّا يتعرّض إمامٌ من أهل البيت عليهم السّلام مثل جعفر الصادق، للإيراد في «الميزان» وللنقد في «التهذيب»؟ ولكنّك تستشيط غضباً لمّا تجد ترجمة أبي حنيفة في «الميزان» وتُحاوِلُ نفيها بكلّ وسائل الإمكان؟
أفهل هذا من اُصول «العدل والإنصاف والموضوعيّة»
كلّا، فما هكذا تُورد ـ يا مَرْعشليُّ ـ الإبل.
1.لاحظ تهذيب الكمال للمزّي (۵/۷۹).