إيقاظُ الوَسنان - صفحه 192

فأورد ابن حَجر مجموعةً من أسماء المترجَمين في هذه المصادر، نقلاً عن المؤلّفين، وعدّهم في «لسانه» المعدّ للضعفاء!
وفي كثير من الموارد التي نقلها لم يزد على المنقول شيئاً أصلاً، ولا حرفاً واحداً، مما يدلّ على أنّ ابن حجر لم يعرف ذلك «الرجل» بأكثر مما وجده في ذلك المصدر من كتب الشيعة.
كما يدلّ على أنّ «الرجل» ليس له ذكر في كتب العامّة، ولا له حديث أو رواية في كتب الحديث العاميّة، فهو مهمل عندهم مطلقاً.
فعلى ماذا يدلّ صنيع ابن حجر هذا، لمّا اعتبر المذكورين في الكُتب الرجالية الشيعية، داخلين في موضوع «لسان الميزان»؟ مع أنّه يجهلهم، ولا يعرفهم إلاّ من خلال المصادر الشيعيّة المذكورة؟
لا شك أنّ هذا الصنيع يعني: إنّ ابن حَجَر ينتهج في لسانه الحكم بجهالة هؤلاء، لمجرد عدم معرفته بهم، والحكم بضعفهم، لمجرد إثبات الشيعة لأسمائهم في كتب رجالهم.

لكنّ هذا العمل بعيد عن العدل والإنصاف والموضوعية:

فأوّلاً: إنّ عدم معرفة شخصٍ، لا يستلزم المجهولية المطلقة التي تؤدّي الى الضعف، الذي هو ملاك الدخول في «لسان الميزان»، لأنّ المعرفة تتوقف على الارتباط، والتداخل، ومع عدم ذلك، فعدم المعرفة هو الأمر المفروض والطبيعي، فالمتداخل مع شخص يمكنه أن يتعرّف على حاله بالثقة أو الضعف، أما البعيد عنه فمن الطبيعي أن لا يعرفه، مهما كان الشخص معروفاً عند أهله وذويه.
لكن ليس لمن لا يعرفه أن ينكرَ وجوده، أو يحكم بضعفه لمجرّد أنّه غير معروف له، بل له أن يقول: «لا أعرفه».
وإذا كان الشخص معروفاً عند ذويه، فيكون الجهل به عيباً في الجاهل، لا المجهول.
وبعبارة اُخرى: إنّما يصحّ الحكم بالجهالة فيمن لم يعرف، إذا كان من شأنه الطبيعيّ أن يُعرف عند الفحص والمتابعة والتحرّي، أما الغريب، البعيد، فلا يصحّ فيه ذلك، لأنّه ـ أساساً ـ ليس في موضعٍ تمكن فيه المعرفة، فهو من قبيل «السالبة بانتفاء الموضوع» ولا يدخل مثله في اهتمامات علم الرجال، كما هو واضح.

صفحه از 215