إيقاظُ الوَسنان - صفحه 200

لأنّ ذلك من المصادرة على المطلوب ـ كما يقول علماء المنطق ـ لأنّ ابن تيميّة متعنّت ضدّ الشيعة، ويُحاول اتّهامهم بالزور والباطل، وعلى أثر ذلك ردّ كثيراً من السنّة النبويّة الثابتة الصحيحة حتى ضجَّ منه أهل نحلته، فهذا الحافظ ابن حَجر قال في اللسان: وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضيّ أدّته ـ أحياناً ـ إلى تنقيص عليّ رضي الله عنه.
وقال الحافظ أيضاً: طالعت ردّ ابن تيميّة على الحلّي فوجدته كثير التحامل في ردّ الأحاديث التي يوردها ابن المطهّر الحلّي، ردّ ـ في ردّه ـ كثيراً من الأحاديث الجياد ۱ .
وقد ألّف العلّامة المحقّق الإمام الشيخ محمّد زاهد بن حسن الكوثريّ رحمه الله كتاب «التعقّب الحثيث لما ينفيه ابن تيميّة من الحديث» ۲ .
وقال فيه ابن حَجر المكّي الهيتميّ: ابن تيميّة عَبْدٌ خذله الله وأضلّه وأعماه، وأصمّه وأذلّه ۳ .
فماذا يُرجى من مثل هذا «المخذول، الضالّ، الأعمى، الأصمّ، الذليل» حتى يستشهد المرعشليّ المحقّق الفاضل، بكلامه؟!
الرابع: إنّ مَنْ ينفي «الإسناد» كلّه عن الشيعة، فماذا يعني من «الإسناد»؟
فإنْ عنى «طرق الرواية»: فهذا التراث الحديثيّ الشيعيّ يعجّ بالحديث «المُسْنَد» المرفوع، ويضجّ بأسماء الرواة بطبقاتهم.
وإن قصد «الإسناد» الخاصّ الذي يتداوله أهل السنّة. فمن الطبيعيّ أنْ لا تكون الأسانيد عند الطوائف المتعدّدة مشتركة ومتساوية، دائماً ـ وإن كان الحديث المتّفق المتن والمشترك الأسانيد غير قليل في التراث الإسلاميّ ـ إلّا أنّ لكلّ طائفةٍ حديثهم الخاصّ، ورجالهم الخاصّين ولكلّ قوم: طرقهم، وأسانيدهم، ورجالهم، ورواتهم.
فمن غير المعقول القول: بلزوم اتحاد الرواة، كما أنّ من غير الانصاف: نفيُ رواة حديث قومٍ، لأنهم ليسوا رواة لحديثنا، وإلّا، لجاز للشيعة أنْ ينفوا «الأسانيد» عن غيرهم، لكون رواتها ليسوا رواة لحديثهم!

1.لسان الميزان (۶/۳۱۹) ولاحظ الدرر الكامنة له (۲/۷۱) وفتح الباري (۶/۲۲۲).

2.لاحظ: الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة، للكهنوي تعليق العلّامة المحقّق الشيخ عبد الفتاح أبي غُدَّة الحلبي (ص۱۷۴) وانظر الرفع والتكميل للكهنوي (ص۳۰۸).

3.الفتاوى الحديثية (ص۱۱۴) طبع البابي (۱۹۷۰).

صفحه از 215