إيقاظُ الوَسنان - صفحه 204

مع أنّ المنقول من كلمات عثمان يدلّ بوضوح على وجود حديث لم يُسمح بنشره ونقله، مما يدلّ على وجود حديث مخالفٍ لرأيه وفي نظره، وهذا هو حال عهده وزمانه، لا بعده.
وأخيراً: فمَنْ يُؤمِنُ المرعشلي من أنْ يقال له: إن الوضع للحديث على الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم وتعمّد الكذب عليه كان قد بدأ في عهد الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم حتى نادى: «من تعمّد عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده من النار»؟! ثمّ انتشر في عهد الخلفاء من بعده، حتى انبرى عمر لمنع الصحابة من التحديث، والتدوين معاً؟!
وأما ما ذكره (ص177) بعنوان 9 ـ تأخّر التدوين الشامل للحديث، من عوامل التحريف والتبديل في الحديث:
فالملاحظ فيه: أنّ هذا العامل هو الأصل لجميع العوامل والأسباب المذكورة قبله، فلو كانت السنّة تُدَوَّن وتُضبط من أوّل يوم، لما ابتلي الحديث الشريف بالعلل المذكورة: فلا خطأ في سماعه، ولا نسيان، ولا وهم، ولا، ولا ... ۱
ثمّ هل تعرف مَنْ كان المباشر الأوّل لعملية منع التدوين، والمسبب الأساس لتأخّر التدوين، والمانع من التدوين شاملاً وغير شامل، بل عَمَدَ إلى إحراق مدوّنات الصحابة وإبادتها، في أجرأ عملية إبادة للحديث في تاريخ الإسلام؟!
قد استوفينا الإجابة على هذا السؤال في كتابنا الكبير «تدوين السنة الشريفة» فلا نريد الخوض في بحوثه.
وبعد، فليس من الإنصاف للباحث ـ الذي يريد أن يكون كتابُه موضوعياً ومستوعباً للعلم ـ أنْ يتصرّف مع مواقف الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام من السنّة وحمايتها حفظاً ورواية ونشراً وتدويناً، هكذا؟

الملاحظة الخامسة: العناصر الدخيلة ووضع الحديث

نقل المرعشلي عن أبي زهو في كتابه (الحديث والمحدثون (ص6-87) قوله: حتى الخوارج ـ رغم تكفيرهم للكاذب، ورغم خلوّ صفوفهم من عناصر أجنبية، كالفرس واليهود ـ الذين اندسوا في الشيعة ووضعوا كثيراً من الأحاديث ـ رغم ذلك فإنهم لم

1.لاحظ تدوين السنة الشريفة (ص ).

صفحه از 215