إيقاظُ الوَسنان - صفحه 206

من قريش والأنصار، لا من اليهود!!
كفى ـ يا أخ مرعشلي ـ انهماكاً في اجترار هذه الخزعبلات، وتكرار هذه الترّهات، التي أشاعها وأذاعها المستشرقون من أمثال فلوتن، وكولد زيهر، وفلهاوزن، وأذنابهم، كأحمد أمين، ورشيد رضا، وأمثالهم.
فالعصر ليس ذاك الذي تُقبل فيه الدعايات من دون مناقشة.
وأما حديث الوضع: فهو ذو شُجون، وقد تحدّثنا عن جانب منه في كتابنا «تدوين السنّة الشريفة» (ص494-504) فقد شرحنا الحالة التي وصلت إليها الاُمّة تحت ضغط الحكم الاُمويّ، وقلنا: في الوقت الذي يخشى الراوي أنْ يروي فضيلةً ثابتةً صحيحة، كيف يجرؤ على وضع مثلها؟! ومَنْ هو الذي يرغبُ أو يحاول أن يروي فضيلةً صحيحة، فضلاً عن فضيلة موضوعة؟
فبدلاً من أن يُعَدَّ الراوي لفضائل أهل البيت عليهم السّلام في مثل تلك الظروف الصعبة القاسية، إنساناً مؤمناً طالباً للحقّ، حيث أنّه جازف بحياته وسلامته، فتصدّى لعمل هو أخطر ما يكون عليه، وهو رواية حديث في فضائل عليّ وآله؟! أو محبّاً متفانياً في حُبّ آل الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم حيث عرّض سمعته لاتّهام أعداء الحقّ الحاكمين، وسطوتهم!
نجدهم يتّهمون رواة الشيعة لآل محمد، بالوضع؟!
مع أنّ وضّاع الحديث إنّما يسعون لدُنياهم إمّا مالاً وثروةً، أو جاهاً ومقاماً، أو منزلةً وشهرةً، ومن المعلوم أنّ شيئاً من هذه المغريات لم يكن إلى جانب أهل البيت عليهم السّلام حتى يدعوَ أحداً إلى وضع أحاديث في فضائلهم؟ بينما كلّ المغريات كانت متوفرةً لدى السلطة الحاكمة ۱ .
فالمتّهم بالوضع إنّما هم أنصار الدولة، ورجال حديثها ورواتها، لا الشيعة المضطَهدون، وقد رأينا أنّ معاوية كان يُغري وُضّاع الحديث بالأموال والعقارات والصِلات والهِبات والإقطاعات، والولايات والإمارات والزُلفى والتقرّب لديه!
فكيف يتغاضى مؤرّخو الحديث، وخاصةً الجدد منهم، عن هذه الحقيقة ۲ .

1.ولاحظ المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي (۹۵-۱۰۲) و (ص۹۶) خاصة.

2.تدوين السنّة الشريفة (ص۴۹۹-۵۰۰)

صفحه از 215