إيقاظُ الوَسنان - صفحه 208

أما المرعشليّ، فنقول له: إنّ كون الرجل «معتزلياً» فهذا من ألفاظ الجرح عند رجاليّيّ العامة، الذين هم في الغالب أشاعرة في المذهب، وكلا المذهبين أهلهما من العامّة أهل السنّة، فنحن لا ندخل في ذلك صحةً وسقماً، فليجرحْ بعضهم بعضاً بما شاء! وإن كانَ الجرح بمجرّد العقيدة تعصّباً، خارجاً عن المنهج العلميّ الصحيح، لكنْ:
(أوّلاً) كون عليّ بن الحسين الشريف المرتضى، معتزليّاً كما عنون المرعشلي، غير صحيح، فإنّه من كبار الشيعة الإماميّة، كما يُنادي به كلّ تراثه الموجود، والمعتزلة إنّما هم فرقة سُنيّة بعيدة عن التشيّع، ولو انذهل المرعشلي بكلام إمامه الذهبيّ فلا بدّ أن يعرف الخطأ في الجمع بين «الرافضيّ» و «المعتزلي» حيث أنّ الجمع بينهما من التناقض المحال، كما فصّلنا عن ذلك في مقدمة تحقيقنا لكتاب «الحكايات» للشيخ المفيد ۱ .
ونقول للمرعشلي: (ثانياً) إذا كان الكلام عن «المعتزلة» فقد مثّلتَ له بذكر «الشريف المرتضى» فما بالك أضفتَ عبارة «وهو المتّهم بوضع كتاب نهج البلاغة» ۲ متبعاً في ذلك خطأ غيرك.
مع أنّ مؤلّف «نهج البلاغة» وجامعه هو أخوه الشريف الرضي (ت406) وقد أصبح هذا الأمر، من أوضح الواضحات في هذا العصر، وليس خافياً على أحد من العلماء، وإنْ توهّمه بعض قديماً، كابن خلكان والذهبي، لجهلهم بالتراث الشيعيّ وتاريخه.
مع أنّ حكمك القاطع بـ «وضع» نهج البلاغة، وهذا ليس من صلب اهتمامك في ذلك الجدول، مخالفٌ لأبسط قواعد العلم والتأليف؟
مع أنك قد أطلقت عنان هذه الدعوى، بلا بيّنةٍ ولا برهان! وأنت تعلم أنّ أمرها لا ينتهي بمثل هذه الكلمة، ولا بعشرة آلافٍ من أمثالها، والبحث عن نهج البلاغة وإثبات صحّته قد احتلّ صفحاتٍ من الكتب!
وأما الذهبي: فقد أبدى صفحته للحقّ في هذيانه ذلك:
فقد تناقض في نسبة الشريف المرتضى «رافضياً معتزلياً» كما عرفت! وأخطأ في نسبة

1.الحكايات، للشيخ المفيد (ص ۲۵ ـ ۲۶)

2.يلاحظ إنّه أخذها من لسان الميزان في ترجمة الشريف (۴/۲۲۳) رقم ۵۸۹.

صفحه از 215