شرح نهج البلاغه(ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - صفحه 51

قوله: ولم يُخْلِهِمْ بَعدَ أَن قَبَضَهُ ـ يعني قَبَضَ اللّهُ آدم ـ مِمّا يُؤَكِّد عَليهِم حُجَّةَ رُبوبيَّتِهِ.
قال الإِمام الوبريّ: هذا بيان أَن اللّه تعالى لم يُخْلِ عبادَه ـ من آدمَ إِلى رسولِنا هذا ۱ ـ من دِلالاتِ السَّمعِ والشَّرائعِ الظَّاهرةِ ، والسَّمعِ المؤكِّد لأَدِلّة العقولِ ۲ ، إِمَّا في حياةِ رسولهِ أَو بعدَه بشريعةٍ محفوظةٍ وسمعٍ صحيحٍ مُتَداوِل بين اُمّةِ كلِّ رسولٍ إِلى أَن يأتيَ رسولٌ آخَرُ ، ولم يقتصر اللّهُ باُمَّةٍ من الاُمَمِ على مُجَرَّدِ العقلِ. ۳
قوله: أَنا لَكُم وَزِيراً.
قال الإِمام الوبريّ: يحتمل أَنَّه استعفى ۴ عن الإِمامةِ على وجهِ التَّواضعِ. ۵
قوله: فجاؤُوها كَما فَارَقُوهَا.
قال الإِمام الوبريّ: فراقُهم من الدّنيا أَن خُلِقوا منها ، ومجيؤهم إِليها أَن دُفِنوا فيها ؛ وقد نطق القرآن بذلك ، فقال اللّه تعالى: «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ»۶ أَي خلق أَباكم ، فكأَنّكم قد خُلِقْتُم من تُراب. ۷الحَمدُ للّه الدّالِّ على وُجُودِه بِخَلقِه.
قال الإِمامُ الوبريّ المُتَكَلِّم: معناه أَنّ الفعلَ لا يصحُّ إِلاّ من قادرٍ ، فالفعل يدلّ بواسطةِ الصّحّةِ على القادرِ ، والقادرُ لا يَصِحُّ كونُه قادراً حتّى يكونَ موجوداً ؛ لاستحالةِ كونِ المعدوم قادراً ، ولقيامِ الدِّلالةِ على ذلك ، فصحَّ أَنّه تعالى دَلَّ على وجودِهِ بخلقِه ، فكلَّما وُجد مقدورٌ من مقدوراتِهِ دلّ على وجودِه من هذا الوجهِ. فإِذا ترادَفَ وجودُ

1.لعلّ كلمة «هذا» ـ كما رسمت في «خ» ـ كانت رمزاً للصّلاة والسَّلام عليه صلى الله عليه و آله وسلم ، وإن لم تكن فصلَّى اللّه على رسولنا الكريم وعلى أبيه آدم أفضل صلوات المصلِّين .

2.في «د»: القبول.

3.معارج ، ص ۴۲۷.

4.في «خ»: أن يستعفي ، وفي «د»: أن استعفى ، والمناسب للسِّياق ما أثبتّه.

5.معارج ، ص ۴۳۱.

6.سورة غافر، الآية ۶۷ .

7.معارج ، ص ۴۶۶.

صفحه از 80