شرح نهج البلاغه(ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - صفحه 61

تَعْبُدُونَ * مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَـتِنِينَ * إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ» 1 معناه : إنّكم لا تُضِلّون ولا تَفْتِنون أَحداً عن الدّين إِلاّ من كان هالِكاً في معلومِ اللّه تعالى ، سواء دَعَوتُموه أَو تَرَكْتُموه على حالِه. 2
قوله: ثُمّ قالوا: أَلا إِنّ في الحَقِّ أَن تَأخُذَهُ وفي الحَقِّ أَن تَترُكَهُ.
المعنى 3 أَنَّهم غلطوا في هذا القولِ ؛ لأَنّ الحقوقَ لا يُقاسُ بعضُها على بعضٍ في الإِعفاءِ والإِيفاءِ ؛ لأَنّ من الحقوقِ ما يجبُ إِيفاؤه ، ومنها ما لا يَجِب ، ومنها ما يُندَب إِلى استيفائِه ، ومنها ما يُندَب إِلى تركه. فالإِمامةُ ليست من النوعِ الذي يحسُن تركُه وإِعفاؤه ، وإِنّما هو حقّ على من يستحقُّه ويصلُحُ له ، وليس بحقٍّ له دونَ حقِّ الشّرعِ وحقوقِ المسلمين. والحقّ إِذا كان على الإِنسان فحكمه مجانب للحقّ إِذا كان له. وإِذا كان كذلك ، فحقّ المال ـ إِذا كان له على غيره واحتاج إليه ـ ليس له تركه وإِعفاؤه بل يجب استيفاؤه.
فحقّ الإِمامة إِذا كان عليه أن ينتَصِب لها ويَدَّعِيها ، وإِذا عُقِدت له حَرُم عليه [رَدّها] 4 من هذهِ الوجوهِ وغيرِها. هذا إِذا كان في عصرِه من يكون مستَحِقّاً لها من أَضرابِه ، غير أَنَّ الصلاحَ تَعَيَّنَ في واحدٍ ، فالوجوبُ يَتَعَيَّن عليه. وأَمّا إِذا انفرَد بالاستحقاقِ دونَ سائرِ أَهلِ زمانِه ، فالوجوبُ فيه أَظهرُ على وجهِ التّعيينِ والتّضييقِ. فلذلك كان قولُ الناسِ له ـ إِنّ في الحقِّ أَن تأخذَه، وفي الحقِّ أَن تتركَه ـ قولاً فاسداً.
هذا قول الإِمام الوبريّ. 5
قوله: فظُلمٌ لا يُغْفَر، وظُلْمٌ لا يُتْرَك، وظُلْمٌ مَغفُور لا يُطلَب.

1.سورة الصافات ، الآيات ۱۶۱ ـ ۱۶۳.

2.معارج ، ص ۵۹۳.

3.في «د» : + «كما قال الإمام الوبريّ» وهي زيادة من محققها لا حاجة إليها ؛ لأن ذكر الوبري سيجيء في آخر هذه الفقرة.

4.زيادة من «د» عن «ح» (ج ۲، ص ۶۷) في محلّها.

5.معارج ، ص ۵۹۸.

صفحه از 80