تَخرُجَ فَتَسْكُن 1 إِلى صَواحِبِها في صدرِ المُؤمِنِ.
قال: لأَنّ الحكمةَ كالضّالَّةِ عندَ المُنافقِ لا تسكُن نفسُه إِلاّ بإِظهارِها ؛ فإِنّ الجاهِلَ إِذا علمَ شيئاً صار العِلمُ عندَه كالنّادِرِ ، فيعجب بنفسِه ، ويكاد يعجزُ عن الإِمساكِ عنه حتّى يُظهِرَه ، فإِذا تكلَّم بالحكمةِ وسَمِعها المؤمنُ ازدادَ علمُ المؤمنِ بها إِلى علمِه ، فتسكُن عنده ، ثمّ إِذا احتِيجَ إِلى علمِه 2 بَثَّه. ومن أَخلاقِ المُؤمنِ الوَقارُ وعادتُه الاصطِبارُ. 3
قوله: رُبَّ عالمٍ قد قَتَلَه جَهلُه، وعِلمُه معه لا يَنفَعُه.
وقال الإمام الوبريّ: هذا يحتمل وجهين:
أَحدهما: أَنّ العلمَ قد تقدّم على فعل الجهالةِ ، فيكون سببَ هلاكِه ولا ينفعُه علمُه ؛ لأَنَّه يحتاجُ في كلِّ فعلٍ إِلى علمٍ ، فعِلمُه بأَمرٍ ما لا ينوبُ عن علمِه بأَمرٍ آخرَ ، فهو في أَمرٍ آخرَ جاهلٌ ، وإِن كان عالماً بغيره. فمثل هذا العِلمِ لا ينفعُه ؛ لأَنَّه لا يَصرِفُه عن قُبحٍ.
والثّاني: أَنّ العالمَ [قد] 4 يفعلُ قَبيحاً لِشَهوةٍ ، فهو كالفاعلِ له بِجَهالةٍ. وإِذا لم يَصرِفْه علمُه لِغَلَبةِ شَهوتِه ، جاز أَن يقال فيه: قَتَلَه جَهلُه ، إِذا كان فعلُه سببَ قَتلهِ ؛ قال اللّه تعالى: «أَنَّهُو مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءَما بِجَهَــلَةٍ» 5 له 6 ، وقال: «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَــلَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ» 7 . 8
قوله: من أَحَبَّنا أَهلَ البَيتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلفَقرِ جِلباباً.
قال الإِمام الوبري: يحتمل أن هذا الفقر الظّاهر ، ويحتمل أَنّ المرادَ بذلك أَنّ مَنْ أَحَبّنا ، ومَنْ وَطَّن نفسَه على مَوَدَّتِنا وعزَم على مُشايِعَتِنا ، فَليُوَطِّنْ نفسَه وَليُحَدِّثْها
1.«د» : ـ فتسكن .
2.في «د»: علةِ ، والتصويب من «خ».
3.معارج ، ص ۸۰۴.
4.زدناها لحاجة العبارة إليها.
5.سورة الأنعام، الآية ۵۴ .
6.بعد الآية في «خ»: له ، وفي «د»: آه ، ولا معنى لهما.
7.سورة النساء، الآية ۱۷.
8.معارج ، ص ۸۱۴.