شرح حديث النورانية - صفحه 214

من العلوم الحقيقية ، و أعرضت هؤلاء المحجوبون عنها ، بل و تأذّت منها تأذّي المزكوم من رائحة المسك و الورد.
و الحجّة على كون أمثال هذه التوسّعات و التجوّزات و التوجيهات البعيدة المتبعّدة غاية البعد و نهاية الاستبعاد تحريفاتٍ للعلم عن مواضعه في أمثال هذه المقامات ، هو حكمه باستحالة بلوغ مِن شيعتهم الذين كلّهم من حيث إنّهم أشعّتهم تتفاوت درجاتهم شدةً و ضعفا في كونهم أشعّتهم حدّ الاستبصار [MB2] ، فصيرورة فطرته الثانية المكتسبة فطرة البصيرة النافذة العيناء التي لا تَرى شيئا من الأشياء إلاّ على ما هي عليه ، و لا ترى و لا تنظر إلاّ بنور اللّه ؛ كما قال عليه السلام : «اتقوا فراسة المؤمن ؛ فإنّه ينظر بنور اللّه » ۱ حتّى يعرفني بالنورانية .
فلو بني أمر المعرفة بالنورانية على أمثال هذه القواعد و الضوابط الرسمية التي هي ملاك العلوم البحثية ، و عليها يدور رَحى الفنون الرسمية الآبية العائقة المانعة لطلاّب اليقين عن السير و السلوك إلى الحقّ في تحصيل العلوم الحقيقية بالتأييدات العقلية المعارضة للخذلانات الجهلية، لصار كلّ مَن مارس هذه الفنون البحثية و دارس بهذه العلوم الرسمية ۲ تمكّن في وروده ۳ على أمثال هذه المقامات ـ من الحقائق الإيمانية المختصّة نيلها بأصحاب الحقائق و أرباب اللطائف الفائضة عنهم و عن شربهم رشحات على أهل الإشارة من عقدها الصعبة المستصعبة التي لايحتملها إلاّ ملك مقرَّب أو نبيٌّ مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان من اُولي الأيدي و الأبصار ـ كالملك المقرّب و قرينه من أكابر الأخيار الأحرار ، فيلزم أن يكون كلّ عالم عرفا ـ أي عارف العوام جاهل يمارس ۴ لهذه العلوم الرسمية بعض الممارسة فضلاً عن كلّها ـ قرينا للملك المقرّب و النبي المرسل و المؤمن الممتحن ، و هذا هو كما ترى تزييفه لا يكاد يخفى على اُولي النهى.

1.الكافي ، ج۱، ص۲۱۸ ؛ تفسير العياشي ، ج۲، ص۲۴۷ ؛ الجامع الصغير ، ج۱، ص۸ ، ط مصر .

2.م : + و .

3.م: ورده .

4.كذا في النسخة ، وفي العبارة اضطراب .

صفحه از 232