شرح حديث النورانية - صفحه 215

فيا صاحب البصيرة العليا و الطالب للحقيقة الحقّة البيضاء ، اعلم أنّ الضابطة ۱ الموروثة من أساطين الحكمة و سلاطين مُلك العلم و المعرفة في تأويل متشابهات الكتاب و السنة و استنباط مقاصدها المرموزة و حقائقها المخزونة لأهلها المكنونة على غيرها هو إبقاؤها على ظاهرها ۲ الذي هو باطن ۳ محكمات الكتاب و السنة، و الباطن الحق يجب أن يكون الظاهر الحقّ و يرجع إليه بعينه ، فالباطن هو الظاهر بعينه ، و الظاهر هو الباطن بعينه.
في معانيالأخبار عن صدوق الطائفة ـ طاب ثراه ـ عن النبي صلى الله عليه و آله : أنه قال لعليّ عليه السلام : يا علي، التوحيد ظاهره في باطنه ، و باطنه في ظاهره ، ظاهره موصوف لايرى ، باطنه موجود لايخفى ، يُطلب بكلّ مكان ، و لايخلو عنه۴مكان۵
طرفة عين أبدا ، حاضر غير محدود ، غائب غير مفقود.۶

و هذا منه صريح في الجمع بين المتقابلين المتباعدين من جهة واحدة، و هذا المعنى هو محصّل معنى تلك الضابطة الموروثة المرموزة المذكورة. و من هاهنا قال عليه السلام بعد كلّ ]ما [قال في هذا الخبر النادر البالغ في الغرابة عند العامّة: و مع هذا كلّه نأكل و نشرب ونمشي في الأسواق ، و نعمل هذه الأشياء بأمر ربّنا . . . إلى آخره.
فالجمع بين الأطراف المضادّة من جهة واحدة ، و هي ميزان الموازين القسط الذي يوزن به الصحة و السقم في العلم بحقائق الأشياء كما هي ، و تعرّفت الصحيح و السقيم من كلّ علم من العلوم الحقيقية و كلّ مسألة من المسائل الإلهية التي هي العلم بأحوال اليوم ]و [الأمس و الغد و ما بينهما المعبّر عنه بعلم الصراط عندنا و عند إخواننا ، و لا تستبعدنّ كلّ الاستبعاد ـ يا صاحب البصيرة العليا ـ صحّة الجمع بين الأطراف المتقابلة في غاية التباعد المتضادة البالغة في المضادة ، و لاتحكم

1.م: الضابط .

2.م: ظهرها .

3.م : بطنها .

4.في المصدر: لم يخل منه .

5.م: + في .

6.معاني الأخبار ، ص۱۰ باب معنى التوحيد و العدل ؛ بحارالأنوار ، ج۴، ص۲۶۴ .

صفحه از 232