شرح حديث النورانية - صفحه 226

المحيط بقوس الإقبال والإدبار و مركز دائرة الصعود و النزول المعبّر عنهما بقوس الظهور والإظهار و قوس الشعور والاستشعار ، و لمّا خلقه اللّه استنطقه ، فقال له: أقبِلْ فأقبَلَ ، ثمّ قال له: أدبر ، فأدبر ، و قال له : ما خلقت خلقا أحبَّ إليّ منك ، ۱ فهو المحيط و المركز ، و عليه يدور رُحى النظام الكلّي ، و هو اسم اللّه الأعظم لاُمّ الأئمة في الأسماء كلّها ، و هو آدم الأوّل و حقيقة الآدم ، و آدم الحقيقي ، و القلم الذي قال تعالى: «عَلَّمَ بِالْقَلَمِ» و هو المحمّدية البيضاء ، «عَلَّمَ الاْءِنسَـنَ» أي النفس الكلّية المسمّاة بالعلوية العليا « مَا لَمْ يَعْلَمْ»۲ لما خلقه اللّه تعالى ، فقال له: اكتب، فكتب ۳ في اللوح الذي هو تلك النفس الكلّية كلَّ ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة ، و من هنا قال: جفّ القلم بما هو كائن ۴ .
]3 . ] فبعد هذا المقام الكلّي الإلهي الذي يكون مقامهم عليهم السلام مقام النفس الكلّية الإلهية المسمّاة بذات اللّه العليا ؛ قال تعالى حكايةً عن عيسى بن مريم عليه السلام : «وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ»۵ . و منزلة تلك النفس الكلية المسمّاة بالعلوية العليا في عرف إخواننا ـ و هي شجرة طوبى و سدرة المنتهى و جنة المأوى ـ من ذلك العقل الكلّي القلمي و النور المحمّدي المصباحي منزلة اللوح الكلامية و قسيميه ـ أي اللوح المحفوظ المشار إليه و لوح المحو والإثبات المعروف بلوح القدر الموصوف بالهندسة الايجادية من العلم ـ ، و منزلة الإرادة من العلم ، و منزلة القوّة العمّالة الباعثة من القوّة العلاّمة في عالم الأكبر المسمّى بالإنسان الكبير ، و هذا اللوح هو الكتاب المبين ، و تلك النفس هي الإمام المبين و قبلة العارفين أمير المؤمنين علي عليه السلام . و منزلة نفوس سائر الأنبياء و المرسلين و سائر الأوصياء الماضين ، فمن تلك النفس الكلّية منزلة الرؤوس و الوجوه من جهة كون كلّ منها رأسا من رؤوسها و وجها من وجوهها التي

1.راجع: الكافي ، ج۱، ص۱۰.

2.سورة العلق ، الآية ۴ ـ ۵ .

3.قارن : معاني الأخبار ، ص۲۲ : ثم قال عز و جل : للقلم : الكتب، فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة .

4.المسند لأحمد ، ج۱۴، ص۳۰۷ ؛ كنزالعمّال ، ج۱، ص۱۳۴ .

5.سورة المائدة ، الآية ۱۱۶ .

صفحه از 232