شرح حديث النورانية - صفحه 227

يتوجّه و نواجه بها إلى ما تواجه و توجّه الشيء بوجهه هو توجّه ۱ ذلك الشيء بعينه. و قد مرّت الإشارة إلى كون وجه الشيء هو ذلك الشيء بعينه و لكن بوجه الوجه. و منزلة أرواح سائر الأنبياء و الأولياء من أرواحهم عليهم السلام منزلة أشعّة النور من أجل النور ، و منزلة وجه الشيء و صورته من أجل ذلك الشيء ، و هكذا : منزلة وجود سائر الأشياء ـ كلّها عينها و شهادتها ـ من تلك النفس الكلية منزلة الظلّ و الوجه و الصورة من الحقيقة.
فإذا تفهّمتَ و تحقّقت ممّا تلونا هاهنا عليك تمكّنت ـ إن شاء اللّه ـ من سرّ قوله تعالى: «فَأَيْنَمَا۲تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»۳ و لقد قالوا في وصف مقامهم المسمّى بمقام المعاني : نحن وجه اللّه المضيء ، و لسانه الناطق ، و جنبه العالي ، و عينه الناظرة ، و اُذنه الواعية ، و يده الباسطة ، إلى غير ذلك من معانيه تعالى و صفاته العليا ، و من هنا قالوا: «نحن وجه اللّه الذي يبقى بعد فناء الأشياء كلّها.» ۴ كما قال تعالى: «كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ»۵ ، و قال سبحانه: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَ يَبْقَى وَجْهُ رَبِّـكَ ذُو الْجَلَـلِ وَ الاْءِكْرَامِ»۶ ، و تلك النفس الكلّيه هي مفتاح خزائن علم اللّه و خيراته و بركاته ، و هي باب أبواب اللّه تعالى إلى خلقه [MA6]كما قال صلى الله عليه و آله : «أنا مدينة العلم ، و عليّ بابها» ۷ و باب أبواب خلقه إليه جلّ و علا.
و بعد هذا المقام : لهم عليهم السلام مقام الطبيعة الكلّية و المتصرّفة في العالم الكلّي و جسم الكل تصرّفا ينصلح به النظام الكلّي ، و منزلة تلك الطبيعة من حضرة تلك الذات الإلهية ۸ العليا منزلة القوى الفعّالة و القدرة الفيّاضة الإيجابية المسمّاة بيد اللّه العليا و

1.م: توجهه.

2.م: أينما.

3.سورة البقرة ، الآية ۱۱۵ .

4.قارن : بصائر الدرجات ، ص۶۱، الباب الثاني .

5.سورة القصص ، الآية ۸۸ .

6.سورة الرحمن ، الآية ۲۶ـ ۲۷ .

7.تفسير القمي ، ج۱، ص۶۸ ؛ الخصال ، ج۲، ص۵۷۴ ؛ السنن للترمذي ، ج۵، ص۶۳۷ ، ح۳۷۲۳ ؛ المناقب لابن المغازلي ، ص۸۲ .

8.م : إله .

صفحه از 232